57
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

لنوعه ؛ من الحرّ والبرد والطوفان والزلزلة والجدب والوباء والطاعون والخسف والهدم والمقاتل الذريعة والمصائب الاُخرى غير العامّة، وأعطيناها حظّها من هذا النوع أوفر حظّ، وبالغنا في ذلك حتّى أخذنا الفناء يعمّ الأفراد بنسبة تسعمئة وتسعة وتسعين إلى الألف، وأنّه لا يبقى في كلّ مئة سنة من الألف إلاّ واحد ، أي أنّ عامل التناسل في كلّ مئة سنة يزيد على كلّ اثنين بواحد وهو واحد من ألف.
ثمّ إذا صعدنا بالعدد المفروض أوّلاً بهذا الميزان إلى مدّة سبعة آلاف سنة (70 قرنا) وجدناه تجاوز بليونين ونصفا، وهو عدد النفوس الإنسانيّة اليوم على ما يذكره الإحصاء العالمي.
فهذا الاعتبار يؤيّد ما ذكر من عمر نوع الإنسان في الدنيا ، لكن علماء الجيولوجي (علم طبقات الأرض) ذكروا أنّ عمر هذا النوع يزيد على مليونات من السنين، وقد وجدوا من الفُسيلات الإنسانيّة والأجساد والآثار ما يتقدّم عهده على خمسمئة ألف سنة على ما استظهروه، فهذا ما عندهم، غير أنّه لا دليل معهم يقنع الإنسان ويرضي النفس باتّصال النسل بين هذه الأعقاب الخالية والاُمم الماضية من غير انقطاع، فمن الجائز أن يكون هذا النوع ظهر في هذه الأرض ، ثمّ كثر ونما وعاش ، ثمّ انقرض ثمّ تكرّر الظهور والانقراض ودار الأمر على ذلك عدّة أدوار، على أن يكون نسلنا الحاضر هو آخر هذه الأدوار ! ۱
وعليه، فإنّه بناءً على صحّة ما تقدّم من أنّ عهد النبيّ صلى الله عليه و آله كان بداية للألفيّة السابعة منذ خلق آدم عليه السلام ، فإنّه يمكن القول بأنّ الروايات التّي حدَّدت عمر الدنيا بسبعة آلاف عام ناظرة في الأساس لمثل هذا المعنى، ولكنّه حُمّل على خلاف المعنى المقصود بالحديث ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأراء في تحديد عمر الدنيا كثيرة، نترك الخوض فيها لعدم الحاجة إليها. ۲

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۴ ص ۱۳۹ .

2.راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۰ ص ۱۹۵ و ج ۱۳ ص ۱۳۳ ، تفسير ابن كثير : ج۴ ص۲۲۷ ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۲۲۳ ، تاريخ الطبري : ج۱ ص۷۰ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
56

رابعا: إنّه لو لم يتمّ شيء من الإشكالات المتقدّمة ، فإنّ صحّة السند في مثل هذه الموارد غير كافٍ لوحده، بل ينبغي القطع بصدور مثل هذا النوع من الأخبار.
وأمّا لو كان المقصود بهذه الروايات أنّ عمر الدنيا حال صدور الروايات كان يشرف على الدخول في الألفيّة السابعة، فلا يبعد حينئذٍ صحّة مثل هذا الاحتمال. ومن المحتمل وقوع التحريف في الرواية ـ كما هو الملاحظ فيها ـ بسبب النقل بالمعنى وضعف فهم الراوي ، ويؤيّد هذا الاحتمال ما رواه عيسى بن أبي حمزة عن رجل سأل الصادق عليه السلام ، فقال: جُعلت فداك ، إنّ الناس يزعمون أنّ الدنيا عمرها سبعة آلاف سنة.
فردّ عليه الإمام عليه السلام مبيّنا ما سبق خلقة آدم عليه السلام من الحوادث:
ثُمَّ بَدَأَ اللّهُ فَخَلَقَ آدَمَ، وقَدَّرَ لَهُ عَشرَةَ آلافِ عامٍ ، وقَد مَضى مِن ذَلِكَ سَبعَةُ آلافِ عامٍ ومِئَتانِ ، وأنتُم في آخِرِ الزَّمانِ ۱ .
وقال العلاّمة الطباطبائي في المقام:
يذكر تأريخ اليهود أنّ عمر هذا النوع لا يزيد على ما يقرب من سبعة آلاف سنة ، والاعتبار يساعده ؛ فإنّا لو فرضنا ذكرا واُنثى (زوجين اثنين) من هذا النوع، وفرضناهما عائشين زمانا متوسّطا من العمر في مزاج متوسّط، في وضع متوسّط من الأمن والخصب والرفاهية ومساعدة سائر العوامل والشرائط المؤثّرة في حياة الإنسان، ثُمَّ فرضناهما وقد تزوّجا وتناسلا وتوالدا في أوضاع متوسّطة متناسبة، ثُمَّ جعلنا الفرض بعينه مطّردا فيما أولدا من البنين والبنات على ما يعطيه متوسّط الحال في جميع ذلك، وجدنا ما فرضناه من العدد أوّلاً ـ وهو اثنان فقط ـ يتجاوز في قرن واحد (رأس المئة) الألف، أي أنّ كلّ نسمة يولد في المئة سنة ما يقرب من خمسمئة نسمة.
ثُمَّ إذا اعتبرنا ما يتصدم به الإنسان من العوامل المضادّة له في الوجود والبلايا العامّة

1.تفسير العياشي : ج ۱ ص ۳۱ ح ۸.

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    المساعدون :
    الموسوي، السيد رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 358610
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي