الإنسان منغمراً في النشأة الدنيا فلا يسعه أن يدرك حقيقة الآخرة والجنّة والنار، لكن بمحض أن يخرج عن أسار هذه النشأة وينفكّ عن غفلتها، تتكشّف له حقائق الآخرة ومنازلها عياناً، الواحدة تلو الاُخرى، كما يقول سبحانه:
«لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَـذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَـاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» .۱
كما يعبّر الإمام عليّ عليه السلام عن الحقيقة ذاتها بقوله:
النّاسُ نِيامٌ ، فإِذا ماتُوا انتَبَهوا.۲
3 . العناية بعمارة الآخرة
ركّزت الفصول من الثاني حتّى الخامس من هذا القسم على أربع نقاط، انساب الحديث عنها بأبلغ بيان وأيسره، والنقاط هي:
النقطة الاُولى : الحثّ على حرث الآخرة وعمارتها، والتركيز على كسب القيم المعنوية التي تهيّئ الإمكانات الضرورية لتجهيز تلك الدار وإعمارها.
النقطة الثانية : بيان ما يوجب ذكر الآخرة، والتركيز على تجارة الآخرة وما يعمرها.
النقطة الثّالثة : بيان بركات عمارة الآخرة، والتأكيد بأنّ عمارة الآخرة والعناية بها لا يعني تخريب الدنيا، بل تبرز إحدى بركات عمارة الآخرة بعمارة الدنيا نفسها، بحيث إذا ما وثّق الإنسان صلته باللّه وبالشأن المعنوي، كسب خير الدنيا والآخرة كما قال سبحانه :