537
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.إنّما هي نفسٌ واحدةٌ ، فإن كانَ للّه في الأرض حُجّةٌ فالمتخلِّفُ عنك ناجٍ والخارجُ معك هالكٌ ، وإن لا تكن للّه حُجّةٌ في الأرض فالمتخلِّفُ عنك والخارجُ معك سواء .

(أترغب بنفسك عنّي؟) أي أترى لنفسك عليَّ فضلاً فتحافظ عليها ما لم تحافظ عليّ، أو فتظنّ أنّك أعرفُ بأمر الدين منّي، وأنّ ما تراه من ترك الخروج لدفع شرّ هؤلاء أولى ممّا أراه من مجاهدتهم لدفعهم؟ فأجابه بقوله: (إنّما هي نفس واحدة) لا تبع لها، لا يترتّب عليها أثر في الدفع.
ثمّ أخذ في الاستدلال على أنّه ينبغي أن لا يخرج معه بقوله: (فإن كان للّه في الأرض حجّة فالمتخلّف عنك ناج) لأنّك لست بذاك، ولا تدّعي أيضا أنّك حجّة (والخارج معك هالك) لأنّ إجابة دعوة مَن ليس بحجّة إلى الخروج، والطاعةَ والانقيادَ له، وترك الحجّة هلاكٌ وضلالٌ. وإن لا يكن 1 للّه حجّة فإجابة غير الحجّة والتخلّفُ عنه سواء في الدين، وليس أحدهما مكلّفا به و في الإجابة إلقاء النفس إلى التهلكة ، ولا مفسدة في التخلّف.
فقال له زيد معرضا عن إبطال حجّته مفصّلاً، مقتصرا على الإشارة إليه إجمالاً بأنّه لو كان مثل هذه المجاهدة التي اُريدها محظورا لأخبرني به أبي عليه السلام ، فإنّه مع كمال شفقته عليَّ لم يكن يخبرك بما يتعلّق بالدين ولا يخبرني به . أو المراد أنّه لم يكن يخبرك بأمر الدين من الإمامة ولم يخبرني به ، فظنّك باطّلاعك في أمر الإمامة على ما لم أطّلع عليه باطل.
فقال له الأحول على طريقة الجدل: لشفقته عليك لم يخبرك مخافة أن لا تقبله، ولا تعملَ بمقتضاه، فتَمسَّك النارُ ، وأخبرني لعدم الداعي إلى عدم القبول وإن لم أقبل لم يبالِ أن أدخل النار.
ثمّ استشهد لذلك بقول يعقوب ليوسف عليهماالسلام: « يَـبُنَىَّ لاَ تَقْصُصْ رُءْيَاكَ عَلَى

1.في «خ»: «لم يكن».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
536

۵.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان ، قالَ :أخْبَرَني الأحولُ : أنَّ زيدَ بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام بَعَثَ إليه وهو مُسْتَخْفٍ ، قالَ : فأتيتُه فقالَ لي : يا أبا جعفرٍ ما تقولُ إن طَرَقَكَ طارِقٌ منّا؟ أتَخْرُجُ معه؟ قال : فقلتُ له : إن كانَ أباك أو أخاك خرجتُ معه ، قالَ : فقالَ لي : فأنا اُريدُ أن أخْرُجَ أجاهِدُ هؤلاء القومَ ، فَاخْرُجْ معي ، قال : قلت : لا ، ما أفعَلُ جُعِلْتُ فِداكَ ، قالَ : فقالَ لي : أتَرْغَبُ بنفسك عنّي؟ قالَ : قلتُ له :

والاتّقاءُ عن كلّها واجب. وإن وقع الزلّة بأحد من هذه الوجوه، فشفاعة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وآله عليهم السلاممن ورائها إن شاء اللّه .
ولعلّ المقصود من هذا الكلام هو الأوّل؛ لأنّه كان يخاف عليه منه وخصوصا بعد الأمر بالكلام. وقد روي أنّه ارتكب ذلك وكلّمهم حيث كانت التقيّة شديدة في زمن الكاظم عليه السلام ، وكان لصنيعه مدخليّةٌ ما في تضرّر الحجّة والفرقة وأمثاله وأشباهه من علماء الشيعة. وكفاه قوله عليه السلام شرفا ومنزلةً بشارةً كان، أو دعاءً له إن وقع منه زلّة.
قوله: (ما تقول إن طرقك طارق) أي إن دخل عليك بالليل خوفا من الظلمة (طارق منّا) أهلَ البيت يدعوك إلى معاونته في دفع شرّ الظلمة (أتخرج معه؟) لمعاونته.
وقوله: (فقلت له: إن كان أباك أو أخاك) أي إن كان الطارق إماما مفترضَ الطاعة كأبيك وأخيك يدعوني إلى الخروج معه (خرجتُ معه).
وقوله: (فقال لي: فأنا أُريد أن أخرج أُجاهد هؤلاء القومَ).
لعلّ مراد زيد بقوله هذا جهادُهم لدفع شرّهم عنه وعن أهل البيت ـ كجهاد المرابطين في زمن الغيبة لدفع الكفرة، أو كمجاهدة المرء عدوَّه على سبيل الدفع عن نفسه وحريمه وماله ـ أو جهادُهم لدفع الظلمة وإقامة الحقّ ليستقرّ الحقّ مستقرّه، ويرجعَ الأمر إلى مَن هو الحجّة، لاجهادُهم على سبيل الدعوة إلى نفسه بالإمامة، كما هو المنقول في حال زيد والمظنونُ من أمره ، وإجمالُه في القول لئلاّ يتخلّف عنه العامّة ويتضرّر منه الخاصّة، فلمّا ردّ عليه الأحول بقوله: (لا) قال له:

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 100494
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي