الروضات (شرح زيارت رجبيه) - صفحه 570

عَلى شَاكِلَتِهِ» . 1
و الوجوب المذكور من قبيل وجوب جزاء الطاعات و الأعمال على فاعلها في طرفي الخير و الشرّ ، و من قال بأنّه يجب على اللّه تعالى ثواب المطيع و عقاب العاصي لا يريد بالحقيقة وجوبه على اللّه تعالى ابتداء ؛ ليلزم أنّه قول بالجبر ، و بأنّه فعّال لما يشاء كيف يشاء ، و لا يُسأل عمّا يفعل . أو بواسطة ؛ لعدم صحّة ضمّ الواسطة إليه تعالى في ما فعله أو يفعله ؛ لتماميّته من جميع الوجوه ؛ لكونه واجب الوجود بالذات ، و الواجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات ، بل يريد وجوب ترتّب الجزاء على أعمال العباد إن خيرا و إن شرّا باقتضاء الأسباب إيّاه اقتضاء بيّنا ممتنع التخلّف ، كما امتنع تخلّف العلم بالنتيجة عن العلم بالمقدّمتين ؛ إذ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، و إذا تمّ سببه ـ و هو العمل هنا ـ وجب وجوده هذا في سلسلة الصعود .
و على حذوه سلسلة النزول للبرهان المذكور ؛ من أنّ السبب التامّ يجب ترتّب المسبّب عليه ؛ لبطلان تخلّف المعلول عن العلّة التامّة الفاعليّة بديهة .
فللتفويض معان في مقامات : بعضها منفيّ عنه صلى الله عليه و آله و عنهم عليهم السلام ، و بعضها مثبت . وجه النفي واضح ؛ لأنّه تعالى معكم أينما كنتم ، و لا يمكن أن يُحدِث شيء شيئا و يوجده إلّا باللّه الذي لا يستغنون عنه تعالى في شيء ممّا لهم ذاتا و صفة و فعلاً و ما عليهم .
و وجه الإثبات أنّ من ينفي التفويض لست أتحقّق ما أراده و قصده ؛ إذ كلّ ما يتصوّر من معناه ، فهو مندرج في الجبر الذي قال به الأشعري و إن قابله ظاهرا كما لا يخفى على المتدبّر ، إلّا أن يتمسّك بالوحدة الحقّة التي شيّدنا أركانها ؛ لأنّه تعالى كما كان فاعل الفعل الأوّل ، إن كان فاعل الفعل الثاني بالثاني النوعي الأعمّ إلى أخير مراتب الوجود نزولاً و صعودا ، فإمّا ابتداء ، و فيه أنّه يلزم تساوي الفعلين ، و التساوي باطل ؛ لما تقدّم من أنّ إحاطة الفعل الأوّل أدرجت كلّ شيء في شموله و حيطته بدون أن يشذّ منه شيء .

1.سورة الإسراء ، الآية ۸۴ .

صفحه از 580