الروضات (شرح زيارت رجبيه) - صفحه 568

خارج عن الأشياء لا بالمزاءلة أي المتحقّق في البين ، واحد بما هو وحده ، و الوحدة بما هي وحدة سبب البينونة الذاتيّة ؛ إذ الفقر و الغنى لا يمكن أن يجمعهما جامع ؛ لتنافيهما الذاتي بخلاف غير الوحدة و هي الكثرة و العزلة ؛ لعدم تنافيهما ، حيث اجتماعهما في أمر واحد جامعٌ لهما ، و لا أقلّ من اشتراكهما في الوجود و الشيئيّة ، كاشتراك زيد المعزول عن عمرو معه في الإنسانيّة و الحيوانيّة و الجسميّة و الجوهريّة ، أو الوجود و الشيئيّة .
و الحاصل : أنّ القول باللّه و فعله الأوّل ـ و هو المشيّة ـ لا يمكن أن يتصوّر و يستصحّ إلّا بالطول و الوحدة ؛ إذ لا قائل و لا فارض يفرض أحدهما بعرض الآخر و معزولاً عنه ، و لذا صار اللّه تعالى غيب الغيوب و مجهولاً مطلقا كنها و وجها ، و في القول بخلافه مفاسد كثيرة ، أشرت إلى نبذ منها .
و إذا تمّ أمر التوحيد و الوحدة هنا ، يتمّ في ما بعده من سائر المراتب إلى الهيولى الزمانيّة التي هي أنزل درجات الوجود ؛ لأنّ وجودها بالفعل ليس إلّا عين كونها قوّة الأشياء الزمانيّة ، و قوّة الشيء بما هي قوّة الشيء ليست بشيء ، و إنّما هو قوّة الشيء .
فأوّل ما خلق اللّه نور محمّد صلى الله عليه و آله و عليّ عليه السلام ، و النور بما هو نور أمر واحد لا كثرة فيه بوجه ، و نسبة هذا النور المحمّدي إلى الذات الواجبيّة مع بطلان تصوير النسبة في البين نسبة العبد إلى المولى ، بحيث كأنّه هو .
ثمّ تشعّب هذا النور إلى الأنوار الجبروتيّة في عالم العقول التي عددها عشرة سنخا ۱ باعتبار الأجسام العشرة ، و هي التسعة الفلكيّة و الواحدة العنصريّة ؛ لاختلاف الهيولى في الأفلاك بالحقيقة ، و اتّحادها في العناصر كذلك ، أو عددها غير متناه حسب لا تناهي الأنواع الطبيعيّة التي هي أربابها .
ثمّ حدثت من تلك الأنوار الجبروتيّة الموجودات الملكوتيّة ، ثمّ حدثت فيها الموجودات في عالم الملك و الشهادة على الترتيب الطبيعي ، كلٌّ بحسبه و على شاكلته ، فلكلّ موجود من هذه الموجودات الزمانيّة أنحاء من الوجود ، بعضها فوق

1.كذا في المخطوطتين ، والصحيح : أسناخا.

صفحه از 580