أوّلاً ، أو جاز منه الصدور ، أو لم يجز . و ثبوت العرضي في المصدر يدرجه في الواحد العددي ، و هو الذي بإزائه ثان ، و كلّ واحد عددي ممكن و مركّب من وجوده و حدّ وجوده ؛ إذ لو لم يكن حدّ لم يكن واحدا عدديّا ، بل واحدا نوعيّا متحصّلاً بالمشخّصات ، أو جنسيّا متحصّلاً بالفصول ، أو واحدا بالاتّصال كالجسم المتّصل بما هو متّصل ، أو غير ذلك من أنواع الوحدة الباطلة ، و لا يسع بيانها هذه العجالة .
و لذا بطل القول بتعدّد الآلة ، و ما دلّ على بطلان تعدّد اللّه تعالى يدلّ على بطلان جعل اللّه في عرض الممكنات حذوا بالحذو و نعلاً بالنعل .
فالفاعل لفاعليّته لا يقبل العرض بنفسه و بفعله و مفعوله ، و إذا نفي العرض في الفاعل و السبب ، نفي في كلّ فاعل و سبب ؛ للمشاركة في العلّة . و إذا نفي العرض و العزلة في أيّ فاعل و سبب ، لا يخلو حال الموجودات من أن يسبّب بسبب واحد هو اللّه تعالى وحده ، و هو جبر قال به الأشعري . أو كسبب آخر غير اللّه ، و ذاك السبب مسبّب عن سبب آخر ، إلى أن ينتهي إلى مسبّب الأسباب ، و لا يصل أثر السبب الأصل البعيد إلى مسبّب الأخير ، و هو تفويض و تعطيل ؛ إذ كان الكلّ موجودا بنفسه من غير سبب بجوازه الذاتي و هو ترجيح بلا مرجّح ، أو برجحانه الذاتي و هو خروج عن فرض الإمكان و انقلاب مستحيل ، إلى غير ذلك من المفاسد البديهيّة الاستحالة ، فلم يبق إلّا القول بالطول لغيب السبب و ظهور المسبّب ، و هكذا إلى المسبّب الأخير في مرتبة الإمضاء اللازم للقضاء ، فإذا فشى المشيّة خفي العلم الذي هو عين ذاته المقدّسة الصرفة البسيطة التي لا يمكن الخبر عنه و به لغيبه الذاتي ، و إذا ظهرت الإرادة احتجبت المشيّة بحجابها ، و هكذا إلى الإمضاء .
و الثلاثة الاُولى و هي : نور الأنوار المحتجب بالمشيّة لقهره الذاتي ، و نفس المشيّة الإطلاقيّة الإشراقيّة و هي الفعل الأوّل و أوّل الأمر ، و الإرادة المنحلّة إلى إرادات و هي العقول القادسة و أرباب الأنواع الطبيعيّة المفارقة عن المادّة و المدّة ذاتا و فعلاً ممّا يتعلّق بعالم أعلى .
و الثلاثة الأخيرة مختصّة بنشأتي الملكوت و الملك و عالمي القدر ، و الطبيعة الجسميّة و العرْضيّة ـ بسكون الراء ـ إنّما يكون بالعرَض بفتح الراء ، و الطول إنّما يكون