و النسبة بينهما أنّ المشيّة تخصّص العلم ، و العلم أعمّ منها ، حيث يمكن انفكاك العلم عن المشيّة ، دون العكس .
ثمّ إرادته ، و هي تخصّص المشيّة و تأكّدها و أخير مرتبتها ، و النسبة بينهما نسبة التقييد إلى الإطلاق .
ثمّ تقديره في ما يحتاج إلى التقدير و الهندسة الإيجاديّة ، كما في عالم الأبعاد و الأجسام الملكوتيّة و الملكيّة .
ثمّ قضاؤه الحتمي . ثمّ إمضاؤه الذي تلبّس القضاء به .
و قد نطق بهذا الترتيب في الخبر أيضا ، و جميع صفات اللّه الإضافيّة و أسمائه الموجودة في الجوشن الكبير و غيره مندرجة في تلك الستّ و منطوية فيها انطواء الفروع و الأغصان في الاُصول ، و تكميل الفرع لا يمكن إلّا بتكميل الأصل ، و تعديل ما بالعرض لا يمكن إلّا بعد تصحيح ما بالذات ، و التبيين لا يصحّ إلّا بما عليه التكوين .
فأمر الموجودات لا ينتظم و لا ينتسق إلّا بالترتّب و اعتبار الطول في سلسلتها لا العرض ، إلّا على سبيل الاستتباع .
كيف و لو وقع كلّ موجود من الموجودات بعرض الآخر دائما أو بدو الأمر أو بالأصالة ، لم يصحّ إشهاد واحد منها إلى الآخر ؛ لتساوي الكلّ ، و بطلان الدور و الترجيح بلا مرجّح .
و لو صدر موجود عن موجود بحيث وقع الصادر في عرض المصدر ، لزم التوليد و الولادة و العزلة ، و لازمه الجبر أو التفويض ، و كلاهما باطل . و من مفاسده لزوم افتقار الجميع ، و إمكان الكلّ ، و تركُّب كلّ واحد ممّا به الاشتراك و ما به امتياز كلّ واحد عن الآخر ، و تطرّق البرازخ المتحقّقة ، و الفُرَج الواقعيّة ، و كلّ شيئين معزولين ثلاثة ثالثها الفرجة ، و كلّ خمسة اثنان منها فرجتاه ، و كلّ خمسة تسعة ، و هكذا إلى غير النهاية ، فيلزم لا تناهي الوجودات دفعة ، و هو باطل ضرورة ، كبطلان لا تناهيها ترتّبا بالسببيّة و المسبّبيّة ، و ما فسد آخره فسد أوّله ؛ لأنّ الآخر لا يكون آخرا إلّا بالأوّل و من الأوّل ، و من النهاية إلى الآخر ، و ما صحّ أوّله صحّ آخره .
فالقول بالعرض في الصادر يستلزم القول به في المصدر ، سواء صدر منه صادرا