الجواب
مسألة التفويض عقليّة كلاميّة لا نقليّة ؛ لأنّها متعلّقة بالتكليف أو الخلقة أو النبوّة أو الإمامة ، و كلّها اُصوليّة عرفانيّة غير مرتبطة بنفسها بعمل الجوارح و الفروع ، فالمتتبّع فيها هو العقل و البرهان جرحا أو تعديلاً ، لا النقل و لو كتابا قطعيّا ، أو خبرا متواترا بالمعنى أو باللفظ ؛ للزوم انتهاء القطع الحاصل من غير العقل و البرهان إلى القطع الذي دلّا عليه ، و إلّا فدور أو تسلسل أو بطلان الأصل المذكور ، و هو النقل . فلو ورد في الكتاب أو السنّة ما دلّ على التفويض أو على بطلانه وجب تصحيحه على نحو يطابق البرهان .
فنذكر أوّلاً نبذا من الأدلّة النقليّة في باب التفويض ، ثمّ نشير إلى ما هو موجب البرهان :
أمّا الأوّل : فقد قال اللّه تعالى : «وَ مَا آتيكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» ، ۱ و «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ»۲ ، و «هذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» ، ۳«إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ» ، ۴ إلى غير ذلك .
و في قول الباقر عليه السلام لجابر : إذا شئنا شاء اللّه ، و يريد اللّه ما نريد ، نحن اخترعنا من نور ذاته ، و فوّض إلينا اُمور عباده . ۵
و في قول الصادق عليه السلام : إنّ اللّه عز و جل أدّب نبيّه محمّدا صلى الله عليه و آله على محبّته ، و قال : «إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ، ثمّ فوّض إليه . ۶
و في قول الصادقين عليهماالسلام : إنّ اللّه عز و جل فوّض إلى نبيّه صلى الله عليه و آله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم. ۷
و في قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله : فوّض إلينا أمر الدين ، فالسعيد من سعد بنا. و الشقي من شقي بنا .
1.سورة الحشر ، الآية ۷.
2.سورة النساء ، الآية ۸۰ .
3.سورة ص ، الآية ۳۹.
4.سورة الغاشية ، الآيتان ۲۵ و ۲۶.
5.راجع : بحار الأنوار ، ج ۲۶ ، ص ۱۴ ، ح ۲.
6.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ ، ح ۱.
7.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۶۶ ، ح ۳.