فأصبحتُ وأخبرتُ السيّد النقيب السعيد شمس الدِّين عليّ بن المختار ، فضَجَر عليَّ وقال : ألم أنهكم أنْ لا ينام أحدٌ بالمشهد سواكم؟! 
 فأحضرتُ الختمة ۱ الشريفة ، وأقسمتُ بها أنّني فتَّشتُ المواضع ، وقلّبتُ الحُصَر ، وما تركتُ أحدا عندنا . 
 فوَجَد ۲ مِنْ ذلك أمرا عظيما ، وصَعُبَ عليه . 
 فلمّا كان بعد ثلاث ليالٍ ، وإذا أصواتهم بالتكبير والتهليل ، فقمتُ وفَتَحتُ لهم على جاري عادتي ، وإذا بعبّاس الأمعص ، والسيفُ معه ، فقال : يا حسن ، هذا السيف فالزمه . 
 فقلت : أخبرني خبره؟ 
 فقال : رأيتُ مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في منامي ، وقد أتى إليّ ، وقال لي : يا عبّاس ، لا تَغْضَب ، اِمض إلى دار فلان بن فلان ، اصعد الغرفة التي فيها التِّبن ، خُذ السيف ، وبحياتي عليك لا تفضحه ، ولا تُعْلِم به أحدا . 
 فمضيتُ إلى النقيب المذكور ، فأعلمته بذلك ، فَطَلع في السَّحر إلى الحضرة ، وأخذ السيف منه ، وحَكى له ذلك . 
 فقال له : لا اُعطيك السيف حتّى تُعْلِمني مَن كان أخذه ؟ 
 فقال له عبّاس : يا سيّدي ، يقولُ لي جَدُّك : بحياتي عليك لا تَفْضَحهُ ، ولا تُعْلِم به أحدا ، واُخبِرُك؟! 
 ولم يُعْلِمهُ وماتَ ولم يُعْلم أحدا مَنْ أخذ السيف . 
 وهذه الحكاية أخبرنا بمعناها المذكور ، القاضي العالم الفاضل المقدّس عفيف الدِّين ربيع بن محمّد الكوفي ۳ ، عن القاضي الزاهد عليّ بن بدر الهمداني ، عن عبّاس
                         
                        
                            1.أي المصحف.
2.أي غضب.
3.هو عفيف الدِّين ، أبو محمّد ، ربيع بن محمّد بن أبي منصور الكوفي القاضي الحنفي ، كان من القضاة العلماء الاُدباء ، كان أديبا فاضلاً عالما بالكلام والاُصول ، وله قصيدة يمدح بها الصاحب أصيل الدِّين الحسن بن نصير الدِّين الطوسي ، توفّي بعد سنة ۶۸۸ق .