مسند نساء الشيعة - صفحه 118

فَشَيَّعَتْنِي أُمُّهُ سَاعَةً، وَ أَوْصَتْنِي فِيهِ بِوَصَايَا، وَ رَجَعَتْ كَالْبَاكِيَةِ قَالَتْ: وَ لَيْسَ كُلُّ الَّذِي رَأَيْتُ فِي طَرِيقِي أُحْسِنُ وَصْفَهُ، إِلَا أَنِّي لَمْ أَنْزِلْ مَنْزِلاً إِلَا أَنْبَتَ اللّهُ عز و جلفِيهِ عُشْبا وَ خَيْرا كَثِيرا وَ أَشْجَارا قَدْ حَمَلَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الثَّمَرِ، حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ مَنْزِلَ بَنِي سَعْدٍ، وَ مَا نَعْلَمُ ـ وَ اللَّهِ ـ أَنَّ أَرْضا كَانَتْ أَجْدَبَ مِنْهَا وَ لَا أَقَلَّ خَيْرا، وَ كَانَتْ لَنَا غُنَيْمَاتٌ دَبِرَاتٌ مَهْزُولَاتٌ، فَلَمَّا صَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فِي مَنْزِلِي صَارَتْ غَنَمِي تَرُوحُ شِبَاعا حَافِلَةً . تَحْمِلُ وَ تَضَعُ وَ تَدِرُّ وَ تُحْلَبُ، وَ لَا تَدِرُّ فِي بَنِي سَعْدٍ لأَِحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي، فَجَمَعَتْ بَنُو سَعْدٍ رُعَاتَهَا وَ قَالُوا لَهُمْ: مَا بَالُ أَغْنَامِ حَلِيمَةَ بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ تَحْمِلُ وَ تَضَعُ وَ تَدِرُّ وَ تُحْلَبُ، وَ أَغْنَامُنَا لَا تَحْمِلُ وَ لَا تَضَعُ وَ لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ؟ اسْرَحُوا حَيْثُ تَسْرَحُ رُعَاةُ بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ حَتَّى تَرُوحَ غَنَمُكُمْ شِبَاعا حَافِلَةً.
قَالَتْ: فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ مِنَ اللَّهِ الزِّيَادَةَ وَ الْبَرَكَةَ وَ الْفَضْلَ وَ الْخَيْرَ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، حَتَّى كُنَّا نَتَفَضَّلُ عَلَى قَوْمِنَا، وَ صَارُوا يَعِيشُونَ فِي أَكْنَافِنَا، فَكُنْتُ أَرَى مِنْ يَوْمِهِ عَجَبا مَا رَأَيْتُ لَهُ بَوْلاً قَطُّ، وَ لَا غَسَلْتُ لَهُ وُضُوءا قَطُّ طَهَارَةً وَ نَظَافَةً؛ وَ ذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَسْبِقُ إِلَى ذَلِكَ، وَ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقْتٌ وَاحِدٌ يَتَوَضَّأُ فِيهِ وَ لَا يَعُودُ إِلَى وَقْتِهِ مِنَ الْغَدِ، وَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُرَى جَسَدُهُ مَكْشُوفا، فَكُنْتُ إِذَا كَشَفْتُ عَنْ جَسَدِهِ يَصِيحُ حَتَّى أَسْتُرَ عَلَيْهِ، فَانْتَبَهْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَسَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ لَمْ أَسْمَعْ كَلَاما قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَا اللّهُ، قُدُّوسا قُدُّوسا، وَ قَدْ نَامَتِ الْعُيُونُ، وَ الرَّحْمَنُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ . وَ هُوَ عِنْدَ أَوَّلِ مَا تَكَلَّمَ، فَكُنْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ، وَ كَانَ يَشِبُّ شَبَابا لَا يُشْبِهُ الْغِلْمَانَ وَ لَمْ يَبْكِ قَطُّ، وَ لَمْ يُسِئْ خُلُقَهُ، وَ لَمْ يَتَنَاوَلْ بِيَسَارِهِ، وَ كَانَ يَتَنَاوَلُ بِيَمِينِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَنْطِقَ لَمْ يَمَسَّ شَيْئا إِلَا قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَكُنْتُ مَعَهُ فِي كُلِّ دَعَةٍ وَ عَيْشٍ وَ سُرُورٍ، وَ كُنْتُ قَدِ اجْتَنَبْتُ الزَّوْجَ لَا أَغْتَسِلُ مِنْهُ هَيْبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، حَتَّى تَمَّتْ لَهُ سَنَتَانِ كَامِلَتَانِ، وَ قَدْ ثَمَّرَ اللّهُ لَنَا الأَْمْوَالَ وَ أَكْثَرَ لَنَا مِنَ الْخَيْرِ، فَكَانَتْ تَحْمِلُ لَنَا الأَْغْنَامُ وَ تَنْبُتُ لَنَا الأَْرْضُ، وَ قَدْ أَلْقَى اللّهُ مَحَبَّتَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ رَآهُ.

صفحه از 197