منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 368

تشعر بأنّ السورة تتحدّث عن موضوعٍ واحد .
والأظهر أنّ هذا الملحظ هو الذي دفع بعض العلماء إلى القول ـ وهم في صدد بيانهم لداعي تسمية القرآن ب «القرآن» ـ بأنّ هذه التسمية مُشتقّة من الفعل «قَرَنَ»، حيث نُقل عن الأشعري قوله:
هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء؛ إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، وسُمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه ۱ .
ويرى الفرّاء بأنّه:
مشتقّ من القرائن ؛ لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضا، ويشابه بعضها بعضا، وهي قرائن ۲ .
فلمّا كانت آياته يشابه بعضها بعضا، كانت كلّ واحدة قرينة على الأُخرى ، فكلّهن نظائر، ولهذا أصبحن قرائن ۳ ، فكلّ واحدة دليل وقرينة على أُختها ، وهذا يعلّل لنا مدى تلمّس العلماء لهذه الظاهرة في التعبير القرآني، ومدى بيانها على نصوصه علنا وكشفا .
من هنا ظهر ما يُدعى ب «بيان القرآن للقرآن» ، ويبدو أنّ عملية بيان هذا الإبهام تجري على نمطين في التعبير القرآني :
الأوّل: وهو أن ترد لفظة مبهمة في نصّ قرآني ويرد بيانها في ذات النصّ نفسه، أي يرد المبهم وإيضاحه في آية واحدة معا، كمجيء المطلق وبعده المقيّد في نصٍّ واحد، أو أن يأتي العامّ ومخصّصه في ذات الآية .
أمّا الثاني: فهو أن ترد لفظة مبهمة أو تركيب مبهم في نصٍّ قرآني، ويرد تفسيره وبيانه في نصٍّ قرآني منفصل عنه، سواء أكان في السورة ذاتها، أم في غيرها .

1.الإتقان في علوم القرآن للسيوطي : ج ۱ ص ۱۴۴.

2.المصدر السابق ؛ وانظر : البرهان في علوم القرآن للزركشي : ج ۱ ص ۲۷۸؛ وعلوم القرآن الكريم : ص ۲۴.

3.انظر : قضايا لغوية قرآنية لعبد الأمير كاظم زاهد : ص ۱۵.

صفحه از 406