أولى من غيرها ، وإن كان يصدق على غيرها ، يضاف إلى ذلك أنّ الإمام في مقام بيان عظم أمر منع الزكاة .
وقد ذكر المفسّرون في تفسير «فِيمَا تَرَكْتُ» وجوها تحتملها الآية ، وعلّق بعضهم على التفسير بالمال بأنّه أولى ، إذ إنّه أوّل ما يُلحظ من الحقوق المتعلّقة بالمال ، قال ابن جزي :
قيل: يعني فيما تركت من المال ، وقيل: فيما تركت من الإيمان، فهو كقوله: «أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَـنِهَا خَيْرًا»۱ ، والمعنى أنّ الكافر رغب أن يرجع إلى الدنيا ليؤمن ويعمل صالحاً في الإيمان الذي تركه أوّل مرّة ۲ .
إلّا أنّ أغلب مفسّري الجمهور الآخرين ، وإن ذكروا احتمال المال ، إلّا أنّهم لم يشيروا إلى الزكاة ، متغافلين وحدة الموضوع مع ما في قوله تعالى : «وَ أَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِى إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُن مِّنَ الصَّــلِحِينَ»۳ ، حيث فسّروه بأنّ مانع الزكاة إذا جاء الموت، أي حضر وعاينه، فحينئذٍ يسأل الرجعة إلى الدنيا ۴ ، مستدلّين بقول ابن عبّاس ، قال :
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من كان عنده ما يحجّ فلم يحجّ، أو ما يزكّه فلم يزكّه، سأل الرجعة عند الموت. فقال له رجل: اتّق اللّه يابن عبّاس، إنّما يسأل الرجعة الكافر، فقال: أنا أقرأ عليك قرآناً . . . :«مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِى إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُن مِّنَ الصَّــلِحِينَ». . .۵.
1.التسهيل لعلوم التنزيل : ج ۳ ص ۵۶ ؛ انظر : تفسير الرازي : ج ۲۳ ص ۱۲۰ ؛ تفسير القرطبي : ج ۱۲ ص ۱۵۰ ؛ تفسير البيضاوي : ج ۴ ص ۱۶۷ ؛ البحر المحيط : ج ۶ ص ۳۸۸.
2.الأنعام : ۱۵۸.
3.المنافقون : ۱۰.
4.انظر : البحر المحيط : ج ۶ ص ۳۸۸ ؛ أحكام القرآن للجصّاص : ج ۳ ص ۶۰۴ ؛ تفسيرالسمرقندي : ج ۳ ص ۴۳۱ ؛ تفسير الثعلبي : ج ۹ ص ۳۲۳ ؛ تفسير البغوي : ج ۴ ص ۳۵۱ ؛ زاد المسير لابن الجوزي : ج ۸ ص ۳۱ ؛ تفسير الرازي : ج ۲۳ ص ۱۱۹ ؛ تفسير القرطبي : ج ۴ ص ۱۵۳.
5.المعجم الكبير للطبراني : ج ۱۲ ص ۹۰.