شرح زيارة الحسين عليه ‏السلام - صفحه 406

إضاءة له فليس بسراج ، كما عرفه كلّ عاقل في القدسي : «لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا عليّ لما خلقتك» .
بالجملة ، والعاقل يكفيه الإشارة ، والغافل لا يغنيه ألف عبارة ، فما تغن الآيات والنذر عن قومٍ لا يؤمنون ، فالصلاة من اللّه الرحمة ، ومن الملائكة التزكية ، ومن المؤمنين الدعاء ، فتزكية الملائكة هي نزولهم بالوحي وبيانهم له بما أراد اللّه منهم ، كما كان تزكية الرسول صلى الله عليه و آله للمؤمنين تبليغه الرسالة إليهم ، فيزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين .
فتلك التزكية من الملائكة في مقام توسّطهم وإن كان صلى الله عليه و آله رسولاً ونذيرا للملائكة أيضا يتلو عليهمن آيات اللّه فيزكّيهم ؛ لأنّه صلى الله عليه و آله نزل عليه الفرقان ليكون للعالمين نذيرا ، وعالم الملائكة واحد من العوالم ، فيكون صلى الله عليه و آله نذيرهم ومزكّيهم ومعلّمهم كما صرّح اللّه سبحانه في قوله : «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرا» ، ۱ والإشارة كافية لأهل البشارة وإن لم تغن الطاغي الباغي ، واللّه يهدي من يشاء ولا يهدي من يضلّ كما أخبر بقوله : يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
وأمّا دعاء المؤمنين وتسليمهم له صلى الله عليه و آله فهو أوثق عُرى حياتهم ونجاتهم وروح جميع أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم بل عقائدهم ، ولولاه لصارت جميع ذلك كسرابٍ بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتّى إذا جاءه لم يجده شيئا .
أو «كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا»۲ .
ففي دعاء الاعتقاد : «مَنْ لا أثِقُ بِالأَعمالِ وَ إنْ زَكَتْ، وَ لا أَراها مُنْجِيَةَ لِي و إن صَلُحَتْ إلّا بِوِلايَتِهِ وَ الإِيتِمامِ بِهِ، وَ الإِقْرارِ بِفَضائِلِهِ، وَالقَبُولِ مِن حَمَلَتِها، وَالْتَسلِيْمِ لرواتها». ۳
فهو المكفِّر لذنوبهم ، والساتر لعيوبهم ، الدافع لأمراض قلوبهم ، فهو أوّل

1.الفرقان (۲۵) : ۱.

2.إبراهيم (۱۴) : ۱۸ .

3.مهج الدعوات ، ص ۲۳۴ ؛ بحارالأنوار ، ج ۹۱ ، ص ۱۸۳ ، ح ۱۱.

صفحه از 455