شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 347

الاتّحاد و وحدة الوجود و في الكشف الذي يدّعونه، و سقوط التكاليف الشرعية كلّها عنده على ما يعتقدونه، و من الجلوس في الشتاء و الرياضة المخالفة للشرع و الفتل و السقوط على الأرض و الاضطراب بعد الرقص و الصفق بالأيدي و الصياح و النظر إلى صور الذكور المستحسنة و الإفراط في إظهار الزهد حتّى أنّهم يصرّحون بتحريم الحلال، و يحرّمون طلب الرزق، و يواظبون على الغناء و جملة من الملاهي، و يخرجون إلى طرف الإفراط و التفريط في الذكر الذي اخترعوه، و يبالغون جهدهم في موالاة أعداء اللّه و معاداة أولياء اللّه ، و يقلّدون أعداء الأئمّة عليهم السلام ، و يقتدون بأعداء اللّه و يشاكلونهم و يتابعونهم فيما تحقّق أنّهم قد ابتدعوه، و يعتمدون على ما لفّقوه لأكابرهم من المنامات و الكرامات و الخيالات و المحالات و غير ذلك. و متى رخّص لنا نبيّنا و أئمّتنا عليهم السلام في مثل ذلك؟!
و قد انجرّ أمر هؤلاء إلى أن يدّعوا حصول الكشف لهم أنّ طلبة العلم على خلاف الحقّ، و أنّهم أهل الظاهر و أنّهم لم يعرفوا اللّه و لا دينه، و أنّ الصوفية هم أهل الباطل و هم الذين عرفوا اللّه حقّ المعرفة حتّى صار التصوّف مقابلا لطلب العلم، فيقولون: «أ صوفي أنت أم طالب علم؟» على وجه منع الجمع. و كفى بهذه المقابلة دليلا على حقيقة الحال؛ فإنّ الكتاب و السنّة المتواترة و الإجماع دلّت على وجوب طلب العلم و مدحه و مدح أهله و على التحذير من التصوّف و ذمّه و ذمّ جميع ما اختصّ به أهله، ۱ هذا.
و من المعلوم عندهم المعمول به بينهم سقوط جميع التكاليف عن كلّ من وصل إلى المعرفة الحقيقية و الكشف و الوصول. و إن منع أنّه قول جميعهم فلا ريب أنّه قول كثير منهم، و إن أنكر ذلك بعض المنتسبين إليهم فغير مسموع؛ لأنّه معلوم قطعا من مذهبهم قديما و حديثا، و من أنكره كان جاهلا أو متجاهلا. و كأنّ النبيّ و الأئمّة عليهم السلام لم يكونوا و اصلين إلى تلك المرتبة و لا بلغوا ذلك المقام الذي يدّعيه أكثر هؤلاء، فلهذا كانوا يعبدون اللّه طول أعمارهم حتّى في مرض الموت، و كذلك جميع ما أشرنا إليه ممّا

1.راجع الاثنا عشرية فى الردّ الصوفية، للمؤلّف.

صفحه از 348