شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 339

و أمّا عرض الحديثين على مذهب العامّة فهو مخصوص بصورة اختلاف الحديث، مع أنّه يقتضي جواز النظر في كتبهم لتحصيل الحكم المعيّن لأجل مخالفته، و إذا كان هذا هو الغرض دلّ على ما قلناه لا على ما تضمّنه السؤال.
و أمّا قولهم عليهم السلام : «خذوا الحكمة، إلخ» فهو حكم منوط بما يعلم كونه حكمة بموافقته للدليل القطعي و لقول الأئمّة عليهم السلام و لا كلام فيه، إنّما الكلام فيما كان من هذه الكتب أمره مشتبه أو فيه حكمة و ضلال، و جميع كتب العامّة بهذا الوصف، بل ضلالها أكثر بحيث يتعسّر التمييز بينهما جدّا في أكثر المواضع؛ لأنّهم بالغوا في تحسين ظواهر مذاهبهم، فمن نظر في كتبهم قبل أن تتمكّن معرفته بعلوم الأئمّة عليهم السلام فهو خطر عظيم، و ربما رسخت في قلبه شبهة من كلام العامّة بحيث لا تزول؛ لأنّ الشيطان لا يزال يحسّنها له و يرغّبه فيها. نسأل اللّه العفو و العافية و أن يكفينا و جميع المؤمنين شرّ شياطين الجنّ و أتباعهم، بل رؤسائهم من شياطين الإنس؛ إنّه على كلّ شيء قدير.

الفصل الحادي عشر : في بيان من قلّده المائلون إلى إباحة الغناء و ذكر بعض أحواله

لا يخفى عليك أنّ كلّ من قال بجواز هذا القسم من الغناء مقلّد للغزّالي أو غيره من العامّة، فأمّا غيره ممّن ذكرنا في أوّل الرسالة فظهور نصبه و عداوته كاف عن التوجّه إلى بيانه، كيف و قد خالفوا دين الأئمّة عليهم السلام و عاندوهم و اعتقدوا الجبر و التشبيه، و نسبوا ربّهم إلى الصورة و الجسم و إلى الجور و الظلم، و أنكروا عصمة الأنبياء عليهم السلام ، و جوّزوا عليهم الذنب و الكفر و الضلال، فقالوا: إنّه ممكن بل واقع منهم، و أنكروا حقّ أهل البيت عليهم السلام ، و جحدوا إمامتهم و صرّحوا بترك ما ثبت عندهم من الشريعة لمجرّد مخالفة الشيعة، و التزموا عدم الالتفات إلى قول الأئمّة و عدم عدّهم من علماء الأمّة، بل يعملون بضدّ ما علم من مذهبهم ضرورة، فكيف يجوز لشيعتهم حسن الظنّ بأعدائهم الذين هذه حالهم.
و أمّا الغزّالي فهو أظهر نصبا و عداوة لأهل البيت عليهم السلام و شيعتهم من أن يحتاج إلى

صفحه از 348