مذهبهم و عدم اعتبار قولهم. و أيضا قد رأينا الشيعة تروي عن الواقفية و الفطحية و غيرهم من أصحاب المذاهب الفاسدة كثيرا، و هو يخالف الأحاديث المذكورة بحسب الظاهر. و قد روي أيضا أنّه يجب عرض الحديثين المختلفين على مذاهب العامّة و العمل بما يخالفهم. ۱ و روي أيضا «خذوا الحكمة و لو من أهل الضلال». ۲ و في الحديثين دلالة على جواز مطالعة كتبهم.
قلت: أمّا الجواب عن الوجه الأوّل فهو أنّا قد نقلنا ذلك التفسير عن الأئمّة عليهم السلام أوّلا ثمّ عن علماء اللغة و الفقهاء من الإمامية، فاجتمع ـ كما رأيت ـ قول أهل العصمة و علماء الخاصّة و العامّة، على أنّه لو لم ينقل إلّا عن علماء العامّة ذلك التفسير لكان ينبغي قبوله؛ لأنّ بيان معنى كلمة ليس محلّ تهمة، و قد قيل في كلام العلماء و الحكماء: «استعينوا على كلّ صناعة بأهلها»، و صحّة الرجوع إلى أصحاب الصناعات البارعين في علمهم فيما اختصّ بصنائعهم ممّا اتّفق عليه العقلاء في كلّ عصر و زمان؛ فإنّ أهل كلّ صنعة ۳ يسعون في تصحيح مصنوعاتهم و صيانتها و حفظها عن مواضع الفساد، و يسدّون مجاري الخلل بحسب جهدهم؛ لئلّا يسقط محلّهم عند الناس، و لا يشتهروا بالجهل و عدم المعرفة و إن كانوا فسّاقا أو كفّارا، و هذا أمر مشاهد محسوس مرتكز في النفوس و لا يحتاج ذلك إلى أكثر من اختبارهم و الاطّلاع على حسن صنعتهم وجودة معرفتهم إمّا بالسماع و الشياع أو تصديق أهل ذلك الفنّ، فإذا استمرّ ذلك في الأعصار المتطاولة زاد الوثوق و تعيّن القبول. و على ذلك قد عوّل علماؤنا الأخباريون و الأصوليون، و أجمع على ذلك المتقدّمون من الإمامية و المتأخّرون. و كتبهم مشحونة بذلك حتّى أنّ بعض علمائنا المتقدّمين يرجّحون تفسير بعض علماء اللغة من العامّة كأبي عبيد الهروي و ابن فارس على تفسير رئيس المحدّثين أبي جعفر بن بابويه؛ بناء على أنّهم أعلم منه باللغة حتّى أنّ ابن إدريس حكم بغلط الشيخ الطوسي
1.سبق تخريجه قُبيل هذا.
2.نهج البلاغة، ص ۴۸۱
3.فى المخطوطة: «فإنّ كلَّ أهل صنعةٍ».