شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 335

هؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبّهون بأنّهم لنا موالون و لأعدائنا معادون، يدخلون الشكّ و الشبهة على ضعفاء شيعتنا، فيضلّونهم و يمنعونهم عن قصد الحقّ المصيب. 1
و بإسناده عن الرضا عليه السلام أنّه قال، قال عليّ بن الحسين عليهماالسلام:
إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته و هديه، و تماوت في منطقه و تخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرّنّكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا و ركوب الحرام منها؛ لضعف نيّته و مهانته و جبن قلبه، فنصب الدين فخّا لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه. فإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويدا لا يغرّنكم؛ فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام و إن كثر و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّما. فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويدا لا يغرّنكم حتّى تنظروا ما يعقده قلبه، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثمّ لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسد بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله. فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرّنكم حتّى تنظروا أمع هواه يكون على عقله أو يكون مع عقله على هواه، و كيف محبّته للرئاسات الباطلة و زهده فيها؛ فإنّ في الناس من خسر الدنيا و الآخرة، يترك الدنيا للدنيا، و يرى أنّ لذّة الرئاسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال و النعم المباحة المحلّلة، فترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة حتّى «إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّه أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ» 2 فهو يخبط خبط عشواء، يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة، و يمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحلّ ما حرّم اللّه و يحرّم ما أحلّ اللّه ، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد شقي من أجلها، فأولئك الّذين غضب اللّه عليهم و لعنهم و أعدّ لهم عذابا مهينا 3 و لكن الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه ، و قواه مبذولة في رضا اللّه ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل، و يعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد و لا تنفد، و أنّ كثير ما يلحقه من سرّائها إن أتبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له و لا

1.الاحتجاج، ج ۲، ص ۲۶۴.

2.البقرة (۲): ۲۰۶.

3.اقتباس من الآية ۶ من سورة الفتح (۴۸).

صفحه از 348