على مقدّمتين: كبرى و صغرى، و أن يكون على ترتيب الأشكال المنطقية. و هل ذلك إلّا تعنّت؟! و هل يوجد في جميع أحكام الشرع مثل ذلك، أو في أكثرها أو في أقلّها أو الضروريّ منها كوجوب الصلاة و تحريم الزنى و نحوهما؟! و ليت شعري كيف ثبت الدين في أوّل الأمر عند المسلمين. و ما روّينا و لا سمعنا أنّ النبيّ و الأئمّة عليهم السلام احتجّوا على الناس بهذه الأشكال بعينها كما هو مقرّر، بل احتجاجاتهم مأثورة على غير هذا الوجه، فبعض المقدّمات مذكور و بعضها محذوف للعلم به، و قد وردت بحسب أفهام الرواة و السامعين.
و مثل هذا الحكم هل يحتاج إلى أكثر من ثبوت الفتوى به عن المعصومين و تفسير ألفاظه من علماء العربية العارفين. على أنّ ترتيب المقدّمات المنطقيه ـ مشتملة على ما يطابق الأدلّة الشرعية، مأخوذة من الأحاديث الصحيحة الصريحة المرويّه ـ في غاية السهولة على من له أدنى رويّة. و روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره و بإسناد ذكره عن ابن عبّاس قال:
حججنا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله حجّة الوداع، فأخذ بحلقة الباب، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال: «أ لا أخبركم بأشراط الساعة»؟
و كان أقرب الناس منه يومئذ سلمان. فقال: بلى يا رسول اللّه . فقال: «إنّ من أشراط الساعة إضاعة الصلوات و اتّباع الشهوات و الميل مع الأهواءـ إلى أن قال:ـ فعندها يكون أقوام يتعلّمون القرآن لغير وجه اللّه ، و يتّخذونه مزامير، و يكون أقوام يتفقّهون لغير اللّه ، و يكثر أولاد الزنى، و يتغنّون بالقرآن». 1
و الحديث طويل. قال في القاموس:
زمر و يزمر: غنّى في القصب. و مزامير داود ما كان يتغنّى به من الزبور و ضروب الدعاء. 2
و قد روى في عيون الأخبار بإسناده عن محمّد بن أبي عباد قال:
سألت الرضا عليه السلام عن السماع، فقال: «لأهل الحجاز فيه رأي، و هو في حيّز الباطل و
1.تفسير القمّي، ج ۲، ص ۳۰۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۵، ص ۳۴۸ ـ ۳۴۹، أبواب جهاد النفس، الباب ۴۹، ح ۲۲.
2.القاموس، ص ۵۱۳، «زمر».