الغناء بالطرب، و به يشعر كلام الزمخشري. و قال ابن الأثير في النهايه ـ في تفسير الحديث: «من لم يتغنّ بالقرآن فليس منّا» بعد نقله عن الشافعي أنّه فسّر التغنّي بالغناءـ: ]و كلّ من رفع صوتا و والاه فصوته عند العرب غناء»]. ۱
و ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في تفسيره:
أنّ المراد من لم يستغن بالقرآن ـ و ذكر بعض الشواهد عليه، ثمّ قال:ـ و لو كان معناه الترجيع لعظمت المحنة علينا؛ إذ كان من لا يرجّع بالقرآن ليس منه عليه السّلام. ۲
و فيه دلالة على أنّ الغناء عنده بمعنى الترجيع. و نقل غيره أنّ المراد من لم يحسن صوته بالقرآن فيرجّع فيه. و قد نقل السيّد المرتضى في الغرر و الدرر الوجهين المذكورين، و نقل عن ابن الأنباري وجها ثالثا، و هو أنّ المراد من لم يستلذّ بالقرآن و يستحله و يستعذب تلاوته كاستحلاء الغناء، ثمّ ذكر السيّد أنّ:
جواب أبي بكر بن الأنباري أبعد الأجوبة؛ لأنّ التلذّذ لا يكون إلّا في المشتهيات، و كذلك الاستحلاء و الاستعذاب، و تلاوة القرآن و تفهّم معانيه من الأمور الشاقّة فكيف يكون ملذّا مشتهى. فإن عاد إلى أن يقول: قد تستحلى التلاوة من الصوت الحزين. قلنا: هذا رجوع إلى الجواب الثاني الذي رغبت عنه و انفردت عند نفسك بما يخالفه. ۳ انتهى.
و يفهم منه ما قلناه سابقا من تلازم الترجيع و الطرب غالبا. و قد ذكر بعض المتأخّرين:
أنّ التغنّي و التطريب و الترجيع و اللحن و التغريد و الترنّم ألفاظ متقاربة في المعنى، أو يحصل الاجتماع بين معانيها غالبا، و لهذا يذكرون بعضها في تفسير بعض. ۴
قال ابن الأثير: «اللحن هو التطريب و ترجيع الصوت و تحسين القراءة و الشعر و
1.النهاية، ج ۳، ص ۳۹۱، «غنى».
2.أمالى المرتضى، ج ۱، ص ۳۱ ـ ۳۲ نقلاً عن القاسم بن سلام.
3.أمالي المرتضى، ج ۱، ص ۳۱ ـ ۳۶.
4.رسالة في تحريم الغناء، للمحقّق السبزوارى، المطبوعة فى هذه المجموعة، ص ۴۰.