شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 263

توّاب ، أما سمعت قول اللّه تعالى : «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ»۱ ؟ ، وقال : «وإِنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ»۲ » . ۳
أقول : لعلّ السير في عجز الخبر أنّ من جملة الأسماء الإلهيّة المثنيّ بها عليه الغفّار وما في معناه ، فلابدّ أن يتحقّق مظهره ، وهو من أسرار القضاء الذي يجب التسليم له والرِّضا به وإن أنكرته عقولنا القاصرة ، أو نقول : إنّ المطلوب وجوده المجموع من حيث هو ، فيكفي فيه تحقّق طلب أحد جزئيه فهو هنا الاستغفار ، وإنّما أتى بالذنب من باب المقدّمة ، والتقدير : لولا تستغفرون بعد أن تذنبوا لخلق اللّه خلقا يستغفرون إذا أذنبوا ، فليس شرط «لولا» كلّ من المعاطفين ، وبه ينحلّ ما في النفس من التوهّم .
ثمّ اعلم أنّ سلامة القلب تناسب مرتبة العبوديّة وصقالة مرآة العبد بها ، كما أنّ قوله عليه السلام في السؤال الثاني الذي هو من عالم الملك :
(وَلِسانا صادِقا) يناسب مرتبة الرسالة التي لاتحصل إلّا بعد العبوديّة على حدّ ما مرّ في تقدّم الخشية على كلمة الحقّ ، فيخرج وجه ثان لترتّب أحدهما على الآخر في الذكر .
وحينئذٍ فنقول : السرّ في ذكر كلّ من المقامين مرّتين بعبارتين لعلّه في المقام الأوّل باعتبار وجود الأمر الجامع ـ وهي مصقّلة مرآة النفس ـ ذكر الخشية ، وباعتبار ارتفاع الموانع ذكر السلامة ، وفي المقام الثاني باعتبار تلقّي الوحي ذكر الكلمة الحقّ ، وباعتبار أدائه وتبليغه ذكر اللسان ، وهو المعبّر والمترجم .
وعن الصادق عليه السلام : «إنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيّا إلّا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى البَرّ والفاجر» . ۴
وعنه عليه السلام قال : «لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم ؛ فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة

1.البقرة (۲) : ۲۲۲ .

2.هود (۱۱) : ۳ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۳ ، باب في تنقل أحوال القلب ، ح ۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶ ، ص ۴۱ ، ح ۷۸.

4.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۰۴ ، باب الصدق وأداء الأمانة ، ح ۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۹ ، ص ۷۳ ، ح ۲۴۱۸۲.

صفحه از 280