شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 254

ثمّ قال : «أشكركم للّه أشكركم للناس» . ۱
ثمّ إنّه صلى الله عليه و آله وسلم شفع سؤال الشكر بسؤال العافية مع ما هو فيه منها على سلامة من الدِّين ، ورزق من الواردات الروحانيّة بزيادة اللطف الخفيّ به وعصمته ؛ لتوغّله صلى الله عليه و آله وسلم في سبر نعم ربّه وإحصائها وإن كان من شأن العافية أن تنسى إذا وجدت ، وتُذكر إذا فُقدت ؛ كذا رواه في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال : «العافية نعمة خفيّة ، إذا وجدت نسيت ، وإذا فقدت ذُكرت» . ۲
وفي الحديث : «نعمتان مجهولتان : الصحّة والأمان» . ۳ فقال :
(وَحُسْنَ عافِيَتِكَ) . اسم مصدر عفاه وأعفاه وعافاه ، هي دفاع اللّه عن العبد ، ولعلّ المراد بحسن العافية ما شملت العافية فيه الدنيا والآخرة ، وقد مرَّ في شرح برد العيش بعد الموت أنّ للّه أصنافا من خلقه يغذوهم بنعمته ، يحبّهم في عافية ، ويدخلهم الجنّة برحمته ، تمرّ بهم البلايا والفتن لا تضرّهم شيئا ، وأنّ اللّه خلق خلقا ضنّ بهم عن البلاء ، خلقهم في عافية ، وأماتهم في عافية ، وأدخلهم الجنّة في عافية .
ويُراد بذلك العافية في الدِّين ، والسلامة عن الدواهي المزحلقة عنه ، وعدم الإحساس بالبلايا الدنيويّة للاستغراق في الرِّضا بالقضاء ، والتسليم للّه فيما قضى ، وهذه العافية هي التي سألها سيِّد الساجدين في صحيفته حيث قال : «اللهمَّ عافني عافية كافية شافية عالية نامية ، عافية تولد في بدني العافية ، عافية الدنيا والآخرة» . ۴
أتراه اُجيب سؤاله مع ما أصابه من المصائب الراتبة والمحن المتراكبة أم لا؟ بلى ، إنّه قد اُجيب ، ولكن لا يرى المصاب مصابا إذا كان غايته الوصول للحبيب ، ولعلّ في إسناد العافية له تعالى فيما نحن فيه إشعارا بذلك ، وأنّها عافية روحانيّة إلهيّة لايؤثّر فيها نار النماردة ، ولا نضال المجالدة .

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۹ ، باب الشكر ، ح ۳۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۶ ، ص ۳۱۰ ، ح ۲۱۶۲۶.

2.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۲۹۰ ، ح ۸۷۴ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۲۴۳ ، ح ۴۳.

3.روضة الواعظين ، ص ۴۷۲ ؛ رياض السالكين ، ج ۳ ، ص ۸۹ .

4.الصحيفة السجاديّة ، ص ۱۱۲ ، الدعاء ۲۳.

صفحه از 280