شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 214

وللرياء أقسام دقيقة وجليّة نبّه عليها شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ في التنبيهات العليّة على وظائف العبادات القلبيّة ، ۱ وما ذكرناه ـ من نظر العابد حال عبادته ربّه وحده بحيث يعدّ الناظرين بهائمَ لا يشعرون ـ هو القالع لشجرته والمجتثّ لأصله هذا.
ويسمّى الجمع في الجملة بين المتقابلين في الجملة ـ سواء كان التقابل تقابل التضادّ ، أو تقابل السلب والإيجاب ، أو تقابل العدم والملكة ، أو تقابل التضايف ـ في فنّ البديع المطابقة والطباق والتضادّ والتطبيق والتكافؤ ، وما في هذه الجملة ـ من الجمع بين السرّ والعلانية ـ منه ، وكذا ما بعدها من الغضب والرِّضا ، والفقر والغنى وغيرها . ويعزّى إلى السكّاكي شرط التضادّ في التقابل ، ۲ وما نحن فيه منه أيضا .
(وكَلِمَةَ الحَقِّ). حكى الفرّاء في جوهر الكلمة ثلاث لغات : فتح الفاء مع إسكان العين ، وكسرها وكسر الفاء ، وإسكان العين على حدّ كبد وورق ، ۳ وكثيرا ما تطلق لغة على الجملة المفيدة ككلمة الشهادة لا إله إلّا اللّه بل على الجمل المفيدة. قال تعالى : «كَلَا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا» ، ۴ أشار إلى قوله تعالى : «رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحا فِيمَا تَرَكْتُ»۵ .
وفي الحديث النبوي : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد (شعر) :

ألا كلّ شيءٍ ما خلا اللّه باطلوكلّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ۶
قال الجوهري : والكلمة أيضا القصيدة بطولها . ۷ والمراد بها هنا الكلام أعمّ من الواحد والكثير ؛ والإضافة للحقّ من إضافة الموصوف لصفته على حدّ خاتم حديد . ويحتمل تقدير «في» على أن تكون الكلمة مصدرا ، أي التكلّم .
قال الجوهري : يُقال : تكلّمتُ كِلْمَةً وبِكِلْمَة . ۸

1.انظر التنبيهات العليّة ، ص ۱۴۵ ـ ۱۵۰.

2.انظر مختصر المعاني ، ص ۲۶۷.

3.حكاه عنه الجوهري في الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۲۳ ، (كلم).

4.المؤمنون (۲۳) : ۱۰۰ .

5.المؤمنون (۲۳) : ۹۹ ـ ۱۰۰ .

6.انظر مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۹۳ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۵۷۷ ، ح ۷۹۷۸ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۸ ، ص ۳۳۶ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۲۹۵ ، ح ۴۰.

7.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۲۳ (ك .م).

صفحه از 280