ثمّ قال رحمه الله في الجواب عن الإشكال :
فقلت له أوّلاً : إنّ هذه النيّة موجبة للخلود ، لدلالة الحديث عليه بلا معارض ، فوجب التسليم والقبول . ۱
أقول : ليس الإشكال إلّا في دلالته على ذلك ، ووجوبُ تسليمه وقبوله على ما فيه من الإشكال ، ليس بجواب عن الإشكال . وأيضا نفي المعارض ممنوع ؛ فإنّه موجود وهو الحديث المبحوث عنه ، فإنّ السؤال تضمّن طلب وجه الجمع بينهما ، فليس هذا بجواب عن الإشكال العقلي المذكور ، ولا بجامع بين الخبرين ، وطلب وجه الجمع ودفع الإشكال ليس ردّا للخبر .
ثمّ قال رحمه الله :
وثانيا إنّ صاحبها في هذه الدنيا التي هي دار التكليف لم يفعل شيئا يوجب نجاته من النار ، وندامته بعد الموت لا تنفع ؛ لانقطاع زمان التكليف . ۲
أقول : إنّ صاحبها وإن لم يفعل في الدنيا التي هي دار التكليف شيئا يوجب نجاته من النار ، فهو أيضا لم يفعل في دار التكليف ما يوجب الخلود في العذاب ؛ لأنّ أيّام عمله منقطعة محصورة قليلة ، فالعدل أن يتساوى قدرا عمله وعقابه ، فالإشكال بحاله ، وعدم نفع ندامته بعد الموت يوجب زيادة قدر عذابه على قدر عمله ، بل ندمه بعد الموت وإن لم ينفع في إسقاط عذابه بقدر ما عمل ، لكنّ الأوفق في بادئ النظر بالعقل أنّه يسقط زيادة قدر عذابه على قدر عمله ، فليس في هذا الجواب كالذي قبله جمع بين الأخبار ، ولا دفع للإشكال بحال .
ثمّ قال رحمه اللّه تعالى :
وثالثا : إنّ سبب الخلود ليس ذات المعصية ونيّتها من حيث هي ، بل هو المعصية ونيّتها على فرض البقاء أبدا ، ولا ريب أنّها معصية أبديّة موجبة للخلود أبدا ؛ تأمّل تعرف . ۳
انتهى كلام الشارح شكر اللّه سعيه .
1.شرح اُصول الكافي ، ج ۱۰ ، ص ۱۶۴.
2.شرح اُصول الكافي، ج ۱۰، ص ۱۶۴.