فتح الباب لمغلقات هذا الكتاب - صفحه 74

بالنسبة إلى جميع الأفراد، ومطلوبيّتها بالنسبة إلى البعض، فيفترقان عند العقل . ۱ انتهى .
أقول : إنّ هذا الافتراق إنّما يحصل بعد اختيار الآخرة . ومعنى الحديث : أنّ الإنسان قبل اختيار الدنيا والآخرة طالبٌ لهما وهما مطلوبتان له ، فعلى تقدير كون الواو متروكة في الأوّل دون الثاني وكون تركها لغرض من الإمام عليه السلام ، لا يبعد أن يقال: طالبيّة الدنيا ومطلوبيّتها بالنسبة إلى أمر واحد وهو استيفاء ما قدّر من الأرزاق، بخلاف الآخرة؛ فإنّ طالبيّتها لإدراك الموت، ومطلوبيّتها لنيل السعادات .
أو نقول : معنى الحديث أنّ الدنيا طالبة مطلوبة وهي مع الإنسان وظرفه ، والآخرة طالبة له ومطلوبة له، كأنّ الإنسان والدنيا شيء واحد؛ لأنّ الإنسان موجود فيها وهو معها ما دام حيّا، بخلاف الآخرة؛ فإنّها تجيء بعد ذلك ، فتبصّر .
قوله : (مُصَدِّقا) [ح 12] بكسر الدال ، بمعنى أنّه كانت أقواله حسنة حتّى يعلم حسن أفعاله، وخلوص الأفعال وحسنه أمر خفيّ؛ لأنّ اللّه تعالى جعل الظاهر من العقل ـ أي النطق ـ دليلاً على الخفيّ من العقل أي الاعتقاد . ۲
قوله : (أعظم النار قدرا الذي لا يَرَى الدنيا لنفسه خطرا). [ح 12] الخطر: السبق الذي يتراآى عليه ، يُقال : قد أخطر المال أي جعله خطرا بين المتراهنين ، وخطر الرجل أيضا قدره ومنزلته ، ويقال : هذا أخطر لهذا وخطير له أي مثله في القدر .
فالمعنى أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه مثلاً وعديلاً؛ لأنّ ثمن الأبدان الجنّة، لا الدنيا؛ فلا يبيع نفسه بالدنيا .
قوله : (إذا طلبتم الحوائج) . [ح 12]

1.لم نعثر على هذا القول، ولكن انظر مرآة العقول، ج ۱، ص ۶۰؛ والحاشية على اُصول الكافي لرفيع الدين النائيني، ص ۵۴.

2.اعلم أنّ للعقل ظاهرا وهو التكلّم والنطق ، وباطنا خفيّا وهو الاعتقاد والتفكّر ، والأوّل مصدّق للثاني؛ لأنّ الظاهر عنوان الباطن كما قال الشاعر بالفارسيّة: از كوزه همان برون تراود كه در اوست (منه رحمه الله) .

صفحه از 90