رسالة في ثقة - صفحه 86

هذا المدح ويجعله عدالة .
وهذا من أعظم الشواهد على أ نّهم أرادوا بالعدالة المعنى الأعمّ ، فهُم لاحظوا الأطراف وأخذوا بمجامع النفع .
بل نقول ۱ : إنّ ما يظهر بالتتبّع أ نّهم لا يختلفون في أنّ العدالة هي المَلَكة التي تبعثُ على ملازَمة التقوى ، والمشهورُ صرّحوا باعتبار المروّة ۲ ولم يذكرْه بعضهم كشيخِنا المفيد ۳ وجماعةٍ أُخرى ، ونسبه في كنز العرفان إلى الفقهاء ۴
، فظاهرُهم إجماعُهم على اعتباره وليس بذلك البعيد ؛ لأنّ ما ذكره الساكتون عنه في معنى العدالة يلزمه غالبا ، فلعلّ سكوتَهم كان لذلك .
نعم ، جماعة من المتأخّرين صرّحوا بعدم اعتباره ۵ .
ولا يثمر خلافهم ثمرةً فيما نحن بصدده ، فإنّ الكلام في تعديل أهل الرجال ، والظاهر اعتبار المروّة عندهم .
سلّمنا عدم اعتباره ، لكنّ العدالة المعتبرة في قبول الرواية هي التي توجب الثقة والاعتماد ، ومَنْ لا مروّة له لا اعتماد عليه غالبا ، فإنّ عدمها في الأغلب إما لِخَبَلٍ وضَعْفِ عقلٍ أو لقّلةِ الحياءِ ، فإنّ مَنْ لا حياء له يصنع ما يشاء . وكفاك شاهدا في ذلك قولُ مَنْ قيل له: لِمَ تركت حديث فلان : رأيته يَركُضُ على برذون.
وأمّا اختلافهم في الكاشِف عن العدالة فلا يضرّ ذلك ؛ لما مرّ من أنّ العدالة
التي تعتبر هنا هي ما توجب الثقة والاعتماد ، ولا يحصل ذلك من مجرّد ظهور

1.قوله : «بل نقول» هذا الكلام في دفع الإشكال من جهة الخلاف في اعتبار المروّة في العدالة (منه عفي عنه) .

2.انظر غنائم الأيّام ۲ : ۳۲ .

3.انظر المقنعة : ۷۲۵ ، والسرائر ۱ : ۲۸۰ ، و ج ۲ : ۱۱۸ ، وانظر غنائم الأيّام ۲ : ۳۲ .

4.كنز العرفان ۲ : ۳۸۴ .

5.حكاه في غنائم الأيّام ۲ : ۳۸ .

صفحه از 233