وقال الفرزدق :
أنا الذائدُ الحامي الذِّمارَ وإنّما-يُدافع عن أحسابهم أنا أو مِثلي
فلو لم تكن (إنّما) للحصر لم يتمّ افتخاره .
وهي هنا تدلّ على حصر الإرادة الإلهيّة في إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم منه ، وهذا كُنْه العصمة وحقيقتها .
والإرادة في قوله تعالى : يريد تكوينيّة ، كما في قوله سبحانه : إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ولا يلزم منه جَبْرٌ ولا إلجاء ـ كما بُيّن في محلّه ـ .
وليست تشريعيّةً ، لمنافاتها الحصر في الآية ، إذ ليس لأهل البيت عليهم السّلام خصوصيّة في باب تشريع الأحكام ، بل هم كغيرهم فيها سواء ، اللّهم إلا ما خرج بالدليل ، ولمنافاتها أيضاً الأحاديث الكثيرة الدالّة على جعل النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم إيّاهم مصداقاً للآية دون غيرهم .
فإن قال قائل : إنّ قوله عزّ من قائلٍ : يريد صيغة استقبالٍ ، ولا دلالة فيها على وقوع إذهاب الرجس والتطهير .
قلنا : إرادته تعالى هنا تكوينيّة قطعيّة حتميّة ، وهي عين تحقّق مراده ، فلا يتخلّف مراده عنها ، لأنّها علّة تامّة له ـ كما تقرّر في محلّه ـ .
ولأنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم دعا لأهل بيته عليهم السّلام بإذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم منه ، فقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام : (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) وهو صلّى الله عليه و آله و سلّم لا يدعو إلا بأمر ربّه ، فيكون مقبولاً ، فيقع .
ولأنّ الله تبارك وتعالى مدحهم بذلك ، وهو سبحانه لا يمدح بغير الواقع .
ولأنّ وصفهم بالطهارة ليس عدميّاً ، لأنّه نقيض الاتّصاف العدميّ ، فوصفهم بها ثبوتيٌّ ، وقد أخرج الحكيم الترمذيّ والطبرانيّ وابن مردويه وأبونعيمٍ والبيهقيّ معاً في (الدلائل) عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ في حديثٍ ـ