حضرموت ، فقدما نجران على تفيئة مسير قومهم فشخصا معهم ، فاغترز القوم في أكوار ۱ مطاياهم ، وجنبوا خيلهم ۲ ، وأقبلوا لوجوههم حتّى وردوا المدينة .
قال : ولمّا استراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) خبر أصحابه ، أنفذ إليهم خالد بن الوليد في خيل سرّحها معه لمشارفة أمرهم ، فألفوهم وهم عامدون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال : ولمّا دنوا من المدينة ، أحبّ السيِّد والعاقب أن يُباهِيا المسلمين وأهل المدينة بأصحابهما وبمن خفّ من بني الحارث معهما . فاعترضاهم ، فقالا : لو كففتم صدور ركابكم ، ومسستم الأرض فألقيتم عنكم تفثكم ۳ وثياب سفركم ، وشننتم عليكم من باقي مياهكم كان ذلك أمثل . فانحدر القوم عن الركاب فأماطوا من شعثهم ، وألقوا عنهم ثياب بذلتهم ، ولبسوا ثياب صونهم من الأتحميّات ۴ الحرير ، والحِبَر ، وذرّوا المسك في لممهم ومفارقهم ، ثمّ ركبوا الخيل واعترضوا بالرماح على مناسج ۵ خيلهم ، وأقبلوا يسيرون رزدقاً ۶ واحداً ، وكانوا من أجمل
1.نقل العلاّمة المجلسي (رحمه الله) عن السيِّد المصنِّف (قدس سره) ما نصّه : الأكوار ـ جمع الكور بالضمّ ـ وهو الرحل .( منه ) .
2.أي جعلوها جنيبة : الدابَّة تُقاد ، وكل طائع منقاد فهو جنيب، قاله تاج العروس ۱/۱۸۸ . وغيره .
3.التفث: الشعث والكثافات، وجاءت على طبعة ( ح ) : كثافات المسافر . قال في الصحاح ۱/۲۷۴ : التفث في المناسك : ما كان من نحو قصِّ الأظفار والشارب، وحلق الرأس والعانة، أو مايفعله المحرم بالحجّ إذا حلّ، كما في النهاية ۱/۱۸۷.لاحظ : لسان العرب ۲/۱۲۰ . وغيره .
4.الأتحمية : نوع من البرد ، يقال : أتحم . أي تلوَّن بالتحمة ، وهي شدّة السواد أو الشقرة ، والأتحم : الأدهم . ولعلّ ثيابهم كانت كذلك . وفي معجم ما استعجم ۱/۱۰۴ ذهب إلى أن أتحم موضع باليمن وإليه تنسب الثياب الأتحميّة . لاحظ : تاج العروس ۸/۲۱۰ . وغيره .
5.منسج الفرس : أسفل من حاركه ، والحارك : أعلى الكاهل . وفي النهاية ۵/۴۶ أنه ما بين مغرز العنق إلى منقطع الحارك في الصلب ولاحظ : القاموس المحيط ۱/۲۰۹ .
6.الرزدق : الصفّ من الناس . وجاء على طبعة ( ح ) و ( ب ) تفسيرها بـ : صفاً واحداً . وفي الصحاح ۴/۱۴۸۱ أنه لغة في تعريب الرسقاف ، وهو السطر من النخل ، والصف من الناس ، وهو معرَّب . ولاحظ : لسان العرب ۱۰/۱۱۶ ، وتاج العروس ۶/۳۵۵ . وغيرهما .