قال ابن الجَزَريّ : وهو من الذين حفظوه أَجْمَعَ بلا شكٍّ عندنا ، وقد أَبْعَدَ الشَّعْبيُّ في قوله : إنّه لم يحفظه .
قال يحيى بن آدم : قلت لأبي بكر بن أبي عيّاشٍ : يقولون : إنّ عليّاًرضى الله عنه لم يقرأ القرآن ، فقال : أبطل مَن قال هذا ، عرض عليه أبو عبد الرحمن السُّلَميّ وأبو الأسود الدُّؤَليّ وعبد الرحمن بن أبي ليلى(اه ) .
فإذا كان هذا قوله في أمير المؤمنين ؛ فما ظنّك بقوله في أبيه ، فلا بِدْعَ أن يتجاهر بعداوة آل أبي طالبٍ ، فيروي مثل هذا الإفك البيِّن في حقّ شيخهم و ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)۱.
على أنّه قد روى عبداللَّه بن أبي الصَّقر ، عن الشَّعْبيّ يرفعه عن أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام قال : كان - واللَّه - أبو طالبٍ عبد مناف بن عبدالمطّلب مؤمناً مسلماً ، يكتم إيمانه مخافةً على بني هاشمٍ أنْ تُنابذها قريش ۲ .
(فصل)
وأمّا حديث يزيد بن أبان الرقاشيّ ، فقد رواه أحمد بن عبد الجبّار ، عن يونس ابن بُكَيْرٍ ، عن سِنان بن إسماعيل الحنفيّ ، عن يزيد الرقاشيّ ، قال : قيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله : يارسول اللَّه ، أبو طالبٍ ونُصْرته لك وحَيْطَته عليك ، أين منزلته ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : هو في ضَحْضاحٍ من نارٍ ، فقيل : وإنّ فيها لضَحْضاحاً وغَمْراً ؟! فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : نعم ، إنّ أدنى أهل النار منزلةً لمن يُحذى له نعلان من نارٍ يغلي من وَهَجِهما دِماغُه حتّى يسيل على قوائمه ۳ .
قلت : هذا حديثٌ مرسَلٌ مطعونٌ في إسناده ، وذلك أنّ أحمد بن عبد الجبّار بن
1.الفجر : ۱۴
2.الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالبٍ : ۱۲۲
3.سيرة محمد بن إسحاق : ۲۳۹ - ۲۴۰