ونحن نتكلّم بالأسماء التي لا نزاع فيها مثل لفظ الاثبات والنفي ، فنقول : 
 من المعلوم أنّ هذا من تلقيب بعض الناس لأهل الحديث الذين يُقرُّونه على ظاهره ، فكلّ مَنْ كان عنه أبعد كان أعظم ذمّاً بذلك ، كالقرامطة ، ثمّ الفلاسفة ، ثمّ المعتزلة . 
 وهم بذلك يذمّون المتكلّمة الصفاتيّة ، من الكلاّبية ، والكرامية والأشعرية . 
 ومَن قال بالصفات العقليّة ، مثل العلم والقدرة ، دون الخبرية ونحو ذلك ، سمّى مثبتةَ الصفات الخبريّة «حشويّةً» كما يفعل أبو المعالي الجويني ، وأبو حامد الغزالي ونحوهما . 
 وهؤلاء . يعيبون منازعيهم : 
 إمّا لجمعه حشو الحديث من غير تمييزٍ بين صحيحه وضعيفه . 
 أو لكون اتّباع الحديث في مسائل الاُصول من مذهب الحشو ، لأنّها مسائل علميّة ، والحديث لا يُفيد ذلك ، لأنّ اتّباع النصوص مطلقاً في المباحث الاُصولية الكلامية : حَشْوٌ ، لأنّ النصوص لا تفي بذلك . 
 فالأمر راجع إلى أحد أمرين : إمّا ريبٌ في الاسناد ، أو في المتن : 
 إمّا لأنّهم يضيفون إلى الرسول ما لم يُعلم أنّه قاله ، كأخبار الآحاد ، ويجعلون مقتضاها العلم . 
 وإمّا لأنّهم يجعلون ما فهموه من اللفظ معلوماً ، وليس هو بمعلومٍ ، لما في الأدلّة اللفظية من الاحتمال ۱ . 
 وهذه العبارة من ابن تَيْمِيَّة تكفي للردّ على كلّ مزاعم الرجل ، التي ادّعاها في عباراته المنقولة سابقاً : 
 فقد اعترف هنا بوجود الطائفة «الحَشْويّة» ، وبالمعنى المناسب للفظ ، وباتّهام
                         
                        
                            1.مجموع الفتاوى لابن تَيْمِيَّة (۴/۸۸) .