فما أيسر ما عمّروا لك في جنب ما خرّبوا عليك ، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك .
فما يؤمنك أن تكون ممّن قال الله فيهم : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً .
فإنّك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل ، فداوِ دينك فقد دخله سقم ، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد ، وما يخفى على الله من شي ء في الأرض ولا في السماء ، والسلام ۱ .
وقد روى هذا قبل الزمخشري الإمام الموفّق بالله أحد أئمّة الزيديّة في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين ، في باب مداناة العلماء من الاُمراء ومخالطتهم باختلاف يسير .
وفي كتاب الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء لابن قتيبة ۲ حكاية كلام أبي حازم لسليمان بن عبدالملك وساق ذكر المحاورة بينهما حتّى قال ۳ قال الزهري : إنّه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلّمته قطّ .
قال أبو حازم : صدقت لأنّك نسيت الله ونسيتني ، ولو ذكرت الله لذكرتني .
قال الزهري : أتشتمني؟
قال له سليمان ، بل أنت شتمت نفسك ، أما علمت أنّ للجار حقّاً .
قال أبو حازم : إنّ بني إسرائيل لمّا كانوا على الصواب كانت الاُمراء تحتاج إلى العلماء ، وكانت العلماء تفرّ بدينها من الاُمراء ، فلمّا رُئيَ قوم من أراذل الناس تعلّموا العلم وأتوا به الاُمراء استغنت الاُمراء عن العلماء واجتمع القوم على المعصية
1.هذا المنقول جزء من رسالة الامام زين العابدين عليه السّلام إلى الزهري تجدها بتمامها في كتاب جهاد الامام السجّادعليه السّلام (ص۲۲۷) وقد فصّلنا هناك الكلام حول الزهري فراجع (ص۲۲۳ ـ ۲۳۱) .
2.تاريخ الخلفاء ج۲ ص۸۸ .
3.تاريخ الخلفاء ج۲ ص۹۰ .