شفاه اللَّه يتصدَّق بمالٍ كثيرٍ، فعوفي من علّته، فسأله أصحابه عن ذلك، فأعلموه أنّ أباه تصدّق بثمانية ألف ألف درهم، وإن أراه تصدّق بخمسة ألف ألف درهم، فاستكثر ذلك. فقال أبو يحيى بن أبي منصور المنجّم: لو كتبت إلى ابن عمّك - يعني أبا الحسن عليه السلام - فأمر أن يكتب له فيسأله، فكتب إليه، فكتب أبو الحسن عليه السلام: تصدّق بثمانين درهماً، فقالوا: هذا غلط، سلوه من أين قال هذا؟ فكتب عليه السلام، قال اللَّه لرسوله: (لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ)۱ والمواطن الّتي نصر اللَّه رسوله عليه وآله السلام فيها ثمانون موطناً، فثمانون درهماً من حلّه مال كثير ۲ .
وعن أحمد بن الفضل الخاقاني، من آل رزين، قال: قطع الطريق بجلولاء على السابلة من الحجّاج وغيرهم، وأفلت القطّاع، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب إلى العامل الذي كان بها: أتأمن الطريق بذلك، فقطع على طرف اذن أمير المؤمنين، ثمّ انفلت القطّاع، فان أنت طلبت هؤلاء وظفرت بهم، وإلّا أمرت بأن تُضرب ألف سوط، ثمّ تُصلب بحيث قطع الطريق.
قال: وطلبهم العامل حتّى ظفر بهم، واستوثق منهم، ثمّ كتب بذلك إلى المعتصم، فجمع الفقهاء وفيهم ابن أبي دؤاد ۳ ، ثمّ سأل الآخرين عن الحُكم فيهم، وأبو جعفر محمّد بن علي الرضاعليه السلام حاضرٌ، فقالوا: قد سبق حكم اللَّه فيهم في قوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَو تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ)۴ ولأمير المؤمنين أن يحكم بأيّ ذلك شاء فيهم.
قال: فالتفت إلى أبي جعفرعليه السلام فقال له: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال: قد
1.التوبة: ۹/۲۵
2.تفسير العياشي ۲: ۲۲۶/۱۸۰۴
3.وهو أحمد بن أبي دؤاد بن جرير، ولي القضاء للمعتصم ثمّ للواثق. تاريخ بغداد ۴: ۱۴۱
4.المائدة: ۵/ ۳۳