المعارِض سنديّاً ، وبقاء الآخر سالماًيدخل في ملاك المتّفق عليه .
وبهذا تبقى الحاجة إلى علم الرجال ، ماسّةً ، كما شرحنا في مباحثنا الرجاليّة.
موقف جمهور العامّة من خبر الواحد:
وقد وافق جمهور العامّة على أنّ خبر الواحد لا يوجب العلم ، فلا يحتجّ به على ما يجب فيه العلم من الاعتقاد وغيره.
ولكنّهم خالفوا في إيجابه العمل ، فقال جمهورهم بذلك وأنّه موجب للعمل: قال ابن عبدالبرّ: أُصول العلم ، الكتاب والسنّة. وتنقسم السنّة قسمين:
أحدهما: إجماع ، تنقله الكافّة عن الكافّة ، فهذا من الحجج القاطعة للأعذار ، إذا لم يوجد هناك خلاف.
ومَن ردّ إجماعهم فقد ردّ نصّاً من نصوص الله ، يجب استتابته عليه ، ولإراقة دمه إن لم يتب ، لخروجه عمّا أجمع عليه المسلمون بسلوكه غير سبيل جميعهم .
والضرب الثاني من السنّة: خبر الآحاد ، الثقات الأثبات المتّصل الإسناد ، فهذا يوجب العمل عند جماعة علماء الأُمّة ، الذين هم الحجّة والقدوة .
ومنهم من يقول: إنّه يوجب العلم والعمل جميعاً ۱ .
فالخبر المجمع عليه ـ وليس مراده المتواتر كما هو واضح ـ موجب عنده للقطع ، وهنا يتّفق مع الإماميّة.
وأمّا غيره فقد أوجب عنده العمل ، لا العلم.
ومعنى إيجابه العمل: أنّه متعبّد به شرعاً ، والمسلم مكلّف بالتزامه.
وقد أشبعوا البحث عن حجّية الخبر الواحد ، بالتفصيل في كتب الأُصول ، و أقدمهم تفصيلا في الاستدلال لذلك هو الشافعيّ في كتاب «اختلاف الحديث » ۲ .
1.جامع بيان العلم وفضله (۲ / ۳۴) .
2.كتاب مطبوع مكرّراً ، ومنه طبعة في نهاية كتاب الأُمّ (الجزء۷) .