محمّد بن الحنفيّة (16- 81ه) حیاته و جهاده - صفحه 121

وأنشد عمر بن حارثة الأنصاري مخاطباً علّياً(عليه السلام) :
أبا حسن أنت فصل الأمور
يبين بك الحلّ والمحرمُ

جمعت الرجال على راية
بها ابنك يوم الوغى مقحمُ

ولم ينكص المرء من خيفة
ولكن توالت له أسهمُ

فقال رويداً ولا تعجلوا
فإني إذا رشقوا مقدمُ

فأعجلته والفتى مجمع
بمايكره الوجل المحجمُ

سمي النبي وشبه الوصي
ورايته لونها العندمُ۱

وقال قوم : كان محمد بن الحنفية لا يعرف الخوف ولا التراجع والوقوف ، بل كان مشمّراً عن ساق شجاعة لا تنصرف ، وقدمِ إقدام لا تنحرف ، ومقدماً بعضد عزم لا يضعف ، وساعد حزم لا يرجف ، ومسفراً عن بارق همّة لا تخلف ، وسابق قوة لا يقرف ، وأنه لايخاف ولا وقف .
وقال علي(عليه السلام) لابنه لمّا أعطاه الراية يوم الجمل : «تزول الجبال ولا تزل ، عضّ على ناجذك ، أعر الله جمجمتك ، تدفي الأرض قدمك ، ارم ببصرك أقصى القوم وغضّ ببصرك ، واعلم أن النصر من عند الله سبحانه» . ثم صبر سويعة ، فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال ، فقال(عليه السلام) : «تقدم يا بني» . فتقدم وطعن طعناً منكراً ، وقال(عليه السلام) :
اطعن بها طعن أبيك تحمدْ
لا خير في حرب إذا لم توقد

بالمشرفي والقنا المسدّدْ
والضرب بالخِطّيّ والمهنّدْ۲

وشدّ رجل من الأزد على محمد بن الحنفية وهو يقول : يا معشر الأزد كرّوا .
فضربه ابن الحنفية فقطع يده وقال : يا معشر الأزد فرّوا ۳  .
هذا وعلي(عليه السلام) تارة يغيّر الميمنة وتارة الميسرة ، ولم يعط الراية العظمى لغير محمد بن الحنفية ، فكان الأشتر على الميمنة وعمار بن ياسر على الميسرة ۴  ، وكان في أخرى عبد الله بن عباس على ميمنته وعمر بن أبي سلمة على ميسرته ، والراية العظمى بيد ابن الحنفية ۵  .
وانتهت حرب الجمل بمقتل ستة عشر ألفاً وسبعمائة وتسعين مقاتلا ، وكان جملتهم ثلاثين ألف مقاتلا ، واستشهد من أصحاب علي(عليه السلام) ألفا وسبعون مقاتلا ، وكان جملتهم عشرين ألفاً ۶  .
وممّا يؤثر عن محمد بن الحنفية في يوم الجمل ، قال : حملت على رجل ، فلما غشيته برمحي قال : أنا على دين عمر بن أبي طالب .
قال : فعلمت أنه يريد علياً ، فأمسكت عنه ۷  .

1.شرح نهج البلاغة : ۱ / ۱۴۴ .

2.شرح نهج البلاغة : ۱ / ۲۴۱ .

3.مناقب آل أبي طالب : ۳ / ۱۸۷ .

4.الأخبار الطوال : ۱۴۷ .

5.شرح نهج البلاغة : ۱۴ / ۱۷ .

6.راجع : الفتوح لابن أعثم : ۲ / ۴۹۵ .

7.المصنف لابن أبي شيبة : ۱۵ / ۲۶۷ ح ۱۹۶۳۷ ، المعيار والموازنة : ۱۹ .

صفحه از 150