فالصنف الأوّل يجب فيه تقديم الخاصّ على العامّ والتقيّد على الإطلاق ، والأدلّةُ على ذلك مِن كلّ طرف قائمة . نعم إذا اعتضدت العمومات أو الإطلاقات بما لا يمكن معها التصرّف فيها ، أو عرضت التخصيصات على المخصّصات أو على العمومات ، على وجهٍ يوجب انقلاب النسبة أو العمومات ، أبت أنفسها عن قبول التخصيص ، فحكمها حكم المتعارضين بالتباين .
وأمّا الحاكم والمحكوم والوارد والمورود فلايعقل التعارض بينهما ، وما يُتوهّم شكٌّ بدوي مبيَّن العدم عند التأمّل الصائب ، ويجري مجرى ذلك ما إذا تعارض الظاهر و الأظهر أو النصّ والظاهر ، أو كان لكلٍّ جهة نصوصية وجهة ظهور ، فيصرف الظاهر بالأظهر والنصّ ، والمقطوع من الإجماع ما ادّعي في هذه الموارد التي أشرنا إليها ، ولا يعتنى مع ذلك بشيء من المرجّحات الاُخر ، وهذا هو معنى قول بعض المحقّقين : «الترجيحات الدلالية مقدمة على سائر المرجّحات» ، وأمّا التعارض بالعموم من وجهٍ فحكمه عندنا التوقّف؛ لأنّ التعارض في الحقيقة بين أصالتي الحقيقة واعتبارهما من باب الطريقية ، والقانون فيه التوقّف ، وعند القوم هو من موارد الجمع والترجيح ، وأمّا التعارض بالتباين فهو مورد العمل بالمرجّحات دون الجمع ، كما يقوله الأصحاب ، بل هو باطلٌ قطعاً . والمرجّحات على أنحاءٍ سندية ومضمونية ووجهية ومتنية ، فإذا فقدت أو تكافأت فالتخيير شرعاً لا عقلاً ، وهل هو بدوي أو استمراري؟ وجهان؛ أقويهما الأوّل؛ لعدم شمول إطلاقاته الدفعة الثانية ، وبطلانِ التمسك بالاستصحاب ؛ لانتفاء الموضوع لدوران الأمر مدار الوصف ؛ فتأمّل .
ثمّ اعلم أنّ المدار على قوّة الظنّ ، بل ربما يرجّح بمجرد الاحتمال حيث لم يحتمله الخبر الآخر ، ولاتنحصر المرجّحات في المنصوصة لوجوه أربعة ، بل بكلّ ظنٍّ ؛ وفي الظنّ القياسي قولان ، والترجيح به لايخلو عن قوّةٍ .
تنبيه : الترجيح وأخذ النسب من الاُمور الغامضة التي لا يتمكّن أحد من