الحديث [فتعمل بالمشهور إذا عارضه ما ليس بمشهور ...]» ۱ انتهى . وأشار بقوله : «هذا الحديث» إلى مقبولة عمر بن حنظلة .
ولكن دقيق النظر يقضي بخلاف ذلك ؛ إذ لو بني على ذلك لصار أمر الدين هرجاً ومرجاً ، مع أنّ لازم ذلك حمل الأخبار العلاجيّة على المورد النادر ؛ إذ قلّ ما يتّفق أن لا يتمكّن الفقيه من ضروب التأويل فضلاً عن ضربٍ منه ، مع أنّا لانسلّم الإجماع بل ولا الشهرة ؛ وما يُرى من الشيخ في الاستبصار من الجمع بين الأخبار المختلفة بالوجوه الركيكة البعيدة ليس بجمع يَعتمد هو عليه ولا غيره ، عدا ما ربما يُرى في بعض كلمات الشيخ المحقّق محمد بن إدريس العجلي في السرائر ، من نسبة الفتوى إلى الاستبصار ، زعماً أنّ الوجوه المذكورة فتياه . والذي نطمئنّ به أنّ الجهة الداعية إلى ارتكاب ما مرّ من مثل الشيخ ليس إلاّ ما خرج به في أوّل التهذيب ، فأراد رفع المنافاة على وجهٍ لايوجب التناقض .
والعجب أنّ أحمد بن جنيد الإسكافي المعروف المعدود عن رؤساء فضلاء الشيعة الإمامية المتظاهرين بالرئاسة والإمامة جمع بين مختلفات الأخبار ، بأنّهم عليهم السلاممجتهدون في الأحكام عاملون بالأقيسة والآراء ، فلكلٍّ رأيٌ ، وصرّح بذلك في المسائل المصرية ، كما حكاه عنه الشيخ الأجلّ المفيد ـ قدّس اللّه نفسه ـ في شرح عقائد أبي جعفر الصدوق ، وقال : إنّي قد أبطلت ذلك . ۲
وكيف كان فالذي يجب أن يُعتقد ويعمل عليه أنّه إذا تعارضت الأخبار : فإمّا أن يتعارضا بالعموم والخصُوص ، أو الإطلاق والتقيّد ، أو الحكومة والمحكومية ، أو المورودية والورود ؛ وإمّا أن يتعارضا بالعموم من وجه ، وإمّا أن يتعارضا على وجه التباين الكلّي.
1.غوالي اللئالي ، لابن أبي جمهور الأحسائي ، ج ۴ ، ص ۱۳۶ ، وهكذا بقيّة القول الذي أضفناه لتكميل الكلام .
2.شرح عقائد الصدوق البحث الآخر في الأحاديث المختلفة ، ص ۲۴۵.