شرح دعاي كميل - صفحه 249

ويجاب بأنّه من باب الإرشاد، ووجوبه بعد الاسترشاد مسلّمٌ.
وأمّا إذا لم يرجع إلى العالم فحكمه التوقف.
وأمّا أنّه مؤمن حينئذٍ أم لا؟ ففيه كلام ، والحقّ أنّه ليس بمؤمن؛ لعدم الاعتقاد له ، وليس ببعيد وعزيز على اللّه في حكمته وعدله أن لا يعذّبه في الآخرة ولا يخلّده في النار؛ لعدم كونه مقصّرا في تكليفه.
وأمّا حكم المكلّف في زمان مهلة النظر وتحصيل الاعتقاد حيث إنّ المعارف نظريّة محتاجة إلى النظر والزمان، فعن السيّد المرتضى رضى الله عنه الجزم بكفره ۱ ، ولعلّه نظر إلى أنّ من لم يكن له اعتقاد بالحقّ فهو كافر، ويَلزم الحكمَ بكفر كلّ أحدٍ أوّلَ زمان تكليفه بالمعرفة؛ إذ النظر قبله لا عبرة به، وأن يكون مخلّدا في النار إن أدركه الموت في تلك الحالة.
ولا يخفى بُعد ذلك عن عدل اللّه تعالى شأنه.
اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ هذا النوع من الكفر لا يعذّب صاحبه، والإجماع على أنّ
كلّ كافر مخلّد في النار مخصوص بمن كان كفره عن اعتقاد. واحتمل الشهيد قدس سره أن يدخِله اللّه الجنّة تفضّلاً كالأطفال ۲ .
والذي يقتضيه النظر أن يقال: المكلّف الملتفت إلى الحقّ إذا اشتغل بتحصيل الحقّ لا يخلو ، إمّا أن يكون مسبوقا باعتقاد الكفر والباطل، أو لا يكون كذلك، سواء كان متردّدا في شيء أو كان أوّل زمان عقله واقتراع سمعه بالحق.
فيحكم على الأوّل بالكفر حتّى يترجّح ويعتقد الحقّ ، وعلى الثاني لا يحكم بكفر ولا إيمان، بل هو بحكم الأطفال إلى أن يمضي عليه زمان يمكنه فيه النظر

1.جوابات المسائل الرسية الأولى (رسائل الشريف المرتضى) ۲:۳۱۷.

2.حقائق الإيمان : ۱۳۴.

صفحه از 264