شرح دعاي كميل - صفحه 243

وفي تفسير النيشابوري يروي: أنّه شَجَرَ بين عليّ بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام، فقال له الوليد: اسكت فإنّك صبي، فقال عليه السلام : «اسكت فإنك فاسق» فأنزل اللّه تعالى فيهما خاصّة وفي أمثالهما من الفريقين عامّة ۱ .
وأصل الفسق الخروج عن الشيء أو الخروج عن الطاعة، ويُطلق ويراد به الخروج عن طاعة اللّه ، وهو الأشهر، ويقابل به العدل. وقد يطلق ويراد به الخروج عن دين اللّه وعدم الدخول فيه، ويقابل به الإيمان كما هنا.
وللكفر حدود ومراتب ودرجات وعلائم ، مذكورة مفصّلة في مطوّلات القوم من الكلام والأخلاق، ولا مجال هنا لبيانها وتفصيل القول فيها، إلاّ أنّا نحبّ أن نوشّح هذا الكتاب بذكر ما هو مهمّ في الباب، ولا يكون خاليا عن ما هو المطلوب لأولي الألباب.
فنقول: اعلم أنّه قد اختلف عبارات العلماء المحقّقين الفحول وكلمات الفضلاء ذوي الأنحاء والعقول في حدّ الإيمان ودرجته، وكيفيّة تحصيله، من اعتبار القطع والظنّ، واعتبار الاستدلال والاجتهاد والتقليد، وقدر ما يحصل به الإيمان من المعارف، ووجوب تحصيله وجوبا مطلقا أو مشروطا، وحال العاجز عن النظر ومن هو في مهلة النظر وزمانه، وكذا في حدّ الكفر ودرجاته، إلى غير
ذلك من مباحث الايمان والكفر.
وملخّص الكلام في تحرير المقام: إنّ الإيمان لغة: التصديق والإذعان، ويتعدّى باللام والباء، وهو من الأمن بمعنى سكون النفس واطمئنانها، لعدم ما يوجب الخوف لها.
وشرعا:قيل: هو التصديق بالقلب فقط ۲ ، واختاره أكثر الإماميّة، وقيل: هو التلفظ

1.غرائب القرآن(في هامش جامع البيان) ۲۱ : ۷۲؛ الكشّاف ۳ : ۵۱۴؛ وفي «الكاف الشاف» بذيل الكشّاف: أخرجه ابن مردويه والواحدي من رواية سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. وانظر التبيان ۸:۲۷۵.

2.نسبه العلاّمة في مناهج اليقين (ص۳۶۷) إلى الأشعريّة.

صفحه از 264