شرح دعاي كميل - صفحه 240

مجهولاً من باب الإفعال، والكاف مفعولاً ثانيا، والمعنى: أنت ما تعلم نفسك معذّبي لأنّك لست بمعذّبي، بطريق السلب بانتفاع الموضوع، بل تعلم نفسك غير معذّبي فلا أحَدَ يُعلِمُكَ أنّك معذّبي، بمعنى أن يشير إليك غيرك بأن تعذّبي بنارك. هذا على تقدير ضمّ التاء وكون الفعل مجهولاً، وأمّا على فتحها وكون الفعل معلوما فواضحٌ.
قوله عليه السلام : (مَا هكَذَا الظَّنُّ بِكَ وَلاَ أُخْبِرْنَا بِفَضْلِكَ عَنْكَ) أي ولا هكذا وصل إلينا الخبر بفضلك عنك بلسان رسولك؛ بل الواصل إلينا من خبر فضلك العفو والرحمة والمغفرة.
(وَلِمَا مِنْهَا) أي لا شيء من أهوال الآخرة (أضِجُّ) وأتأوّه، وضَجَّ يَضجُّ إذا فزع فصاح، وإثبات ألف «ما» الاستفهاميّة المجرورة قليل نادر، والقياس حذفها، لكنّه في الأخبار كثيرٌ، وكذا إسقاط الهمزة ۱ في بدله أضجّ.
قوله عليه السلام : (فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ) أي واللّه لايصبر المحبّ على مفارقة المحبوب، ولا يطيق العاشق فراق المعشوق، ومفارقة الأحباب واللّه أشدّ من كلّ عذابٍ وأصعب من كلّ عقاب، ولَنعم ما قال الشيخ عبداللّه الأنصاري: «إلهى چون آتش فراق داشتى، به آتش دوزخ چه كار داشتى».
وانظر كيف جعل عليه السلام فراق أولياء اللّه وأحبّائه فراق اللّه ، وأدرج فراقهم في فراقه؛ وأشار بذلك إلى أنّ «من أحبّهم فقد أحبّ اللّه ومن أبغضهم فقد أبغض اللّه » ۲ .
قوله عليه السلام : (وَهُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ) المدّخرة يوم القيامة ترحم بها عبادك المذنبين وتلك رحمة واسعة.
روي: «أنّ عيسى عليه السلام مرّ بقبرٍ فرأى صاحب القبر معذّبا، فلمّا انصرف من حاجته

1.الظاهر أن المراد من «الهمزة» همزة باب الإفعال، ومن إسقاطها إتيان الفعل ثلاثيا مجردا، وأضَجَّ القومُ: ضَجّوا.

2.في زيارة الجامعة الكبيرة «ومن أحبّكم فقد أحبّ اللّه ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه » الفقيه ۲:۳۷۲.

صفحه از 264