ذلك [ وهذا محلّ إشكال عندهم] ، والإشكال منشأه [ منافاته ]ظاهرَ ۱ قوله تعالى : «وما ينطق عن الهوى» ، وللأخبار الواردة في جوازه ، وذهب إليه من القدماء ۲ الكليني ۳ .
وربما يقال في توجيه الأخبار بأن التفويض ثابت لهم في الوحي ، بمعنى أنّ الوحي يصير مخبِرا لما تعلّق رأيه به من الأحكام ، وفيه تأمّل ظاهر.
ومنه تفويض الإرادة بأن يردّ به شيئا لقبحه كإرادة تغيير القبلة فأوحى اللّه بما أراد.
ثمّ إذا علمتَ أنّ للتفويض معانٍ بعضُها فاسد وبعضها غير فاسد ، فيشكل القدح بمجرد رميهم الراوي إلى التفويض.
فإن قلت: لعلّ المتبادر من قولهم «فلان من المفوّضة» هو المعنى الفاسد.
قلت: لفظ التفويض إمّا أن يكون مشتركا معنويا بين المعاني المذكورة ، أو مشتركا لفظيّا: إن كان الأوّل نمنع التبادر الإطلاقي المسبّب من التشكيك ۴ ؛ لأنّ الأصل عدم التشكيك حتى ثبت خلافه ، وإن كان الثاني فيحتاج إلى القرينة المعيّنة للمعنى الفاسد.
فإن قلت: ندّعي التبادر في خصوص المقام ؛ لأنّ المقصود من قولهم «فلان من المفوّضة» أو «فلان من الغلاة» نسبة القدح إلى الراوي لا مجرد اتّصافه بهذه الصّفة ؛
لأنّا نقول: تأمَّلْنا في طريقتهم فوجدنا أنّهم كثيرا ما قدحوا رجلاً بالتفويض بمجرّد روايته ما ظاهر فيه ، وإن كنت في ريب في ذلك فانظر إلى ترجمة محمد بن سنان حيث قال المحقّق البهبهاني في التعليقة ۵ في بيان أحواله:
وفي الكافي في باب مولد النبي صلى الله عليه و آله عنه قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمد، إنّ اللّه لم يزل متفرّد الوحدانية، ثمّ خلق محمدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض اُمورها إليهم... الحديث. ۶
و يمكن أن يكون تضعيفهم إيّاه من روايته أمثال
1.الف و ب : + و .
2.منتهى المقال ، ج۱ ، ص۷۸ و ۷۹ ؛ التعليقة ، ص۸ بتلخيص وتصرف في الألفاظ ؛ مقباس الهداية ، ج۲ ، ص۳۷۶ ـ ۳۸۳ .
3.الف : للتشكيك .
4.منتهى المقال و تعليقته ، ج۶ ، ص۶۸ .
5.الكافي ، ج۱، ص۴۴۱ ، ح۵ .