جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 149

رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أنّه قال : « دخلت الجنّة ، فسمعت حسّ ۱ نعلين ، فمدّيت نظري وإذا بلال عند أبي بكر قد سبقني إلى الجنّة » ، فإذا قالت الشيعة : إنّ عليّاً أفضل من أبابكر ، اضطربتم ، فأنتم جعلتم عبد أبي بكر أفضل من النبيّ ؛ لأنّ السابق أفضل للمسبوق . وكما رويتم أنّ الشيطان يفرّ من [ ظلّ ] عمر خوفاً منه .
ورويتم أنّ الشيطان ألقى على لسان النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم الخطأ والنسيان ، فأيّ الروايات أصحّ ؟
فقال آخر منهم : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : لو نزل العذاب ما نجى إلاّ عمر بن الخطّاب ! فقال المأمون : هذا الحديث باطل ؛ لأنّ اللّه تعالى قال في كتابه العزيز : « وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ »۲ فجعلتم عمر أفضل من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ويكون إذا اُنزل العذاب هلك العالم كلّهم والنبيّ معهم ، ولا ينجو إلاّ عمر ، فكيف هذا ؟
فقال آخر : لقد قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : وُضِعْتُ في كفّة الميزان ، ووضعتْ اُمّتي في الكفّة الآخر فرجحتُ ، ثمّ وَضعتُ مكاني أبابكر فرجح بهم ، ثمّ وضع عمر فرجح بهم ، ثمّ رفعت الميزان . فقال المأمون : هذا باطل ؛ لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهم متساوية أو أعمالهم ، فإن قلتم التساوي بالأجسام فلا يخفى على أحد أنّه محال ، وإن قلتم بالأفعال فلم يوجد الاُمّة كلّها في زمن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وأنتم تتناسلون إلى يوم القيامة ، فكيف يرجح ما ليس بموجود ؟ فهذا محال .
ثمّ قال : أخبروني بم يتفضّل الإنسان ؟ فقال واحد منهم : بالأعمال الصالحة ، فقال المأمون : من فضّل صاحبه على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ؟ ومن كان أفضل عملاً في زمان النبيّ صلى الله عليه و آله وسلموبعدوفاته من جملة الصحابة ؟ فهل وجدتم أو سمعتم في عصرنا هذا من هو أكثر من عليّ جهاداً أو حجّاً أو صوماً أو صلوةً أو صدقة ؟ فقالوا بأجمعهم : لا يلحقه فاضل طول الأبد .

1.في المصدر : «خفق» بدل «حسّ» .

2.سورة الأنفال ، الآية ۳۳ .

صفحه از 271