جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 148

عليهما اُسامة بن زيد ، وقال عليه السلام : « لعن اللّه من تخلّف عن جيش الاُسامة » ، وكيف يكونان خير هذه الاُمّة وعليّ عليه السلام عَبَدَ اللّه قبلهما ، وعبده بعدهما ، والنبيّ صلى الله عليه و آله وسلمقال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ؟ فأيّ الروايات أصحّ ؟
فقال : لمّا يُخلف أبوبكر أغلق بابه وقال : أقيلوني فلست بخيركم وعليٌّ فيكم ! فقال عليّ عليه السلام : إذا قدّمك رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فمن ذا يؤخّرك ؟ فقال المأمون : هذا باطل من رواياتكم ؛ لأنّه قعد عن البيعة حتّى قبضت فاطمة عليهاالسلام ، ووجه آخر أنّه إذا كان النبيّ صلى الله عليه و آله وسلماستخلفه فكيف يجوز له أن يستقيل ؟ فأيّ الحديثين أصحّ ؟
فقال آخر منهم : إنّ عليّاً عليه السلامقال : من فضّلني على أبي بكر وعمر جلدته حدّ المفتري ! فقال المأمون : كيف يجوز أن يقول عليّ عليه السلام : « آخذ الحدّ على من لا يجب عليه حدّ » ، فيكون متعدّياً لحدود اللّه تعالى ؟ وقد رويتم عن أبي بكر أنّه قال : « ولّيتم ولست بخيركم وعليّ فيكم » ، فأيّ الرجلين أصدق عندكم : قول أبي بكر على نفسه ، أو قول عليّ عليه السلام على أبي بكر ، مع تناقض الحديثين في نفسه ؟
فقال آخر : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : « أبوبكر وعمر سيّدا كهول [ أهل الجنّة ] » ، قال المأمون : هذا الحديث محال لانّه لا يكون في الجنة كهل وقد رويتم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمقال لعجوز اسمها أشجعيّة ممازحاً لها : لا يدخل الجنّة عجوز ! فبكت ، فقال لها : لا بأس عليك إنّ اللّه تعالى يقول : « إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لِأَصْحَابِ الْيَـمِينِ »۱ فهذا صريح القرآن ، وإن زعمتم أنّ أبابكر يُنشأ شابّاً إذا دخل الجنّة ، فقد رَويتم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم قال : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين وأبوهما خير منهما » ، فأيّ الروايات أصحّ ؟
فقال آخر : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم نظر إلى عمر يوم عرفة ، فتبسّم في وجهه وقال : إنّ اللّه تعالى باهى بعباده عامّة ، وباهى بعمر خاصّة ، فقال المأمون : هذا الحديث باطل ؛ لأنّ اللّه تعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فيكون عمر في الخاصّة ، والنبيّ مع العامّة ، فليست هذه الرواية بأعجب من رواياتكم الفاسدة ؛ لأنّكم رويتم عن

1.سورة الواقعة ، الآية ۳۵ ـ ۳۷ .

صفحه از 271