فإن قلت : له سند آخر أيضاً .
قلت : هو أيضاً غير نقيّ بل ضعيف فلا يمكن الاستدلال به ، على أنّه يمكن أن يقال : كان كلام الصادق عليه السلام : «ومنهم أبو بصير» ، فنقله بعض الرواة بالمعنى ووهم في النقل ، ونحوه الكلام في الحديثين السابقين فإنّه يمكن أن يكون البيان الواقع فيهما وقع من بعضهم اشتباهاً ، وسيجيء في المبحث الحادي عشر من الفصل الآتي ما يؤيّد ذلك فلاحظه .
وبالجملة ؛ للخدشة في كلام أهل الرجال والأحاديث المذكورة سنداً ومتناً مجال ، ولمّا لم نظفر في كتب الأخبار فيما وقفنا عليه من روايات ليث المرادي ممّا صرّح باسمه مقيّداً بالمرادي أو نحوه في السند وهو أربعون حديثاً بروايته عن أبي جعفر عليه السلاممن دون واسطة ، وكان من البعيد أن يكون راوياً عنه عليه السلام وممّن أحيى أحاديثه وأن يكون هذا من الاتفاقيات .
وقال الشيخ في الفهرست : «روى عن أبي عبداللّه عليه السلام وأبي الحسن موسى عليه السلام» ، ۱ فذكر روايته عن أبي الحسن موسى عليه السلام مع كونها قليلة غاية القلّة حتّى أنّ النجاشي لعلّه لم يذكرها لذلك ، ۲ ولم يذكر روايته عن أبي جعفر عليه السلام ، وكان الظاهر على تقدير كونه من رواته عليه السلام أيضاً وممّن أحيا أحاديثه عليه السلام أن يكون ممّن عاش نحواً من مئة سنة على زعم الكليني وكان ذلك نادراً . وممّا لم يذكره أحد يمكننا القول بأنّه ما روى عنه عليه السلام كما هو مقتضى الأصل أيضاً ، ولو قطعنا النظر عن بعض ذلك وأردنا الجمع بين بعضها الآخر وبين /73/ ظاهر سائر أقوال أهل الرجال والأخبار لتعيّن العمل بالظاهر ما لم يعارضه قاطع ؛ فنقول : الظاهر أنّه لم يصل إلينا من رواياته عنه عليه السلامإلاّ ما هو قليل ۳ وإن لم نعرفه بالخصوص ، فإذن الظاهر أنّ المراد بأبي بصير فيما إذا وقع مطلقاً وكان راوياً عن أبي جعفر عليه السلام هو يحيى بن القاسم إلحاقاً له بالأعم الأغلب ، لاسيّما وستعرف أنّه حيثما وقع كذلك ينصرف إليه وإن كان راوياً عن غيره عليه السلام ، هذا .
1.الفهرست ، ص۲۰۵ ، رقم ۵۸۵ .
2.في الحجرية : . . . موسى عليه السلام مع أنّ الظاهر أنّها ممّا لم يذكره غيره للقلّة والندور .
3.في المخطوطة : الظاهر أنّ ما وصل إلينا من رواياته عنه عليه السلام فإنّما هو قليل .