رسالة عديمة النظير في أحوال أبي بصير - صفحه 313

لمقصوده لكونه قرينة على إرادة يحيى ، وكذا الكلام إذا كان مراده بها يحيى ؛ فإنّ القيد على ذلك التقدير إمّا قاصر عن إفادة مرامه وإمّا ممّا ليس فيه فائدة يعتدّ بها .
والحاصل أنّ تقييد تلك الكنية بالمكفوف في كلام من يعتقد ضرارة ليث ويحيى كليهما إمّا قاصر عن إفادة مقصوده غاية القصور ، وإمّا ليس فيه فائدة يعتدّ بها ويكون كاللغو ، وكلاهما بعيدان ، فالظاهر أنّ المقيّد لا يعتقد ذلك ، ولمّا كان ضرارة يحيى ممّا لا خلاف فيه بينهم فالظاهر أنّه أيضاً يعتقد بصيريّة ليث ، ولعلّ الظاهر أنّ التقييد وقع من الشيخ أو الحسين بن سعيد أو النضر ؛ لأنّ الظاهر أنّ الشيخ نقل ذلك الحديث من كتاب الحسين ۱ .
وأمّا عاصم بن حميد فلو كان ذلك منه لكان الظاهر وجوده في الكافي والفقيه أيضاً ولم يوجد ، وكيف كان الراجح في النظر عدم ضرارته لظاهر العلاّمة والشيخ أو الحسين أو النضر وظاهر المفيد وابن داوود بل وغيرهما من علماء الرجال حيث لم ينسبوا الضرارة إليه مع أنّ دأبهم فيما إذا وقفوا على ضرارة أحد أو نحوها الإشارة إليه في ترجمته سيّما إذا كان من المشاهير ، وللشهرة ، ولأنّ الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، ولذا نحكم ببصيريّة من لم يثبت ضرارته من الناس ، ولعلّ في الأخبار أيضاً ما يلائم ذلك :
منها ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي بصير قال : كان لي جار يتبع السلطان فأصاب مالاً ، فأعد قياناً ۲ وكان يجمع الجيوع إليه ويشرب المسكر ويؤذيني ، فشكوته إلى نفسه غير مرّة فلم ينته ، فلمّا أن ألححت عليه قال لي : يا هذا ، أنا رجل مبتلى وأنت رجل معافى ، فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني اللّه بك ، فوقع ذلك له في قلبي ، فلمّا صرت إلى أبي عبداللّه عليه السلام ذكرت له حاله ، فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك ، فقل له : يقول لك جعفر بن محمّد : دع ما أنت عليه وأضمن لك على اللّه الجنّة . فلمّا رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى ، فاحتبسته [ عندي ] حتّى خلى منزلي ، ثمّ قلت له :

1.انظر : تهذيب الأحكام ، ج۲ ، ص۳۹ ، ح۱۲۲ . قال فيه : روى الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير المكفوف .

2.جمع القَين : العبد .

صفحه از 446