قلت : لا يمكن إرادة الإضافيّة فيما نقلناه منه أخيراً كما لا يخفى . نعم ، يحتمل أن يقال : لعلّه قائل بمكفوفيّة /32/ ليث ، وحمَل أبابصير المكفوف في ذلك السند عليه بقرينة ما في الفقيه ۱ ، وإنّما حكم بموثقيّة السند لما قاله ابن الغضائري فيه ۲ ، وهذا وإن كان مخالفاً لما ذهب إليه في الخلاصة من كونه من أصحابنا الإماميّة ۳ إلاّ أنّ مثله وقع له كثيراً ، وسنبيّن لك في رسالتنا هذه أنّه رحمه الله جزم في كتبه الاستدلاليّة ـ في غير هذا الموضع على تقدير حمل أبي بصير فيه على يحيى ـ بثقة يحيى ذلك وعدالته ، وهو أيضاً مخالف لذكره له في الخلاصة في قسم الضعفاء وشكّه فيه في كونه من أصحابنا الإماميّة ، ولكن لا يخفى بُعد هذا الاحتمال والظاهر على تقدير إجمال أبي بصير أنّه قال ببصيريّة ليث ، وإنّما عدّ الخبر من الموثّق لذهابه في هذا الموضع فقط إلى فساد مذهب يحيى ، وقد رجع عنه في غيره قطعاً كما سيتّضح لك فيما سيأتي إن شاء اللّه تعالى ، فلا يكون أبو بصير مطلقاً منصرفاً عنده إلى ليث ، ولا يلزم أن يكون عاصم عنده ممّن روى عنه وعن يحيى كليهما /33/ وهذا ظاهر ، فهو أيضاً ممّن يظهر من كلامه ذهابه إلى بصيريّة ليث هذا .
ثمّ في تقييد أبي بصير في سند ذلك الحديث بـ«المكفوف» كما وقع في التهذيب والاستبصار إشعار بل دلالة ۴ بأنّ المكفوف أحدهما لا كلاهما ، ولمّا كان يحيى مكفوفاً اتفاقاً ففيه إشعار ببصيريّة ليث وعدم كونه مراداً بتلك الكنية في ذلك السند ، وتخطئة لمن فسّرها به فيه ، وذلك لأنّ المقيِّد إن كان مراده بها ليثاً وكان قائلاً بضرارته أيضاً وأراد إظهارها كان عليه التصريح باسمه أو نحوه ممّا يختصّ به ثمّ بمكفوفيّته لا أن يذكره بالكنية المشتركة ويقيّدها بقيد ، لو لم نقل بكونه من خصائص غيره لا نقول باختصاصه به ، بل نقول باشتراكه بينهما فإنّه مع قصوره عن إفادة مرامه مفيد لنقيضه كما لا يخفى ، وإن لم يرد ذلك فذلك القيد ليس فيه فائدة يعتدّ بها ، مضافاً إلى أنّه مناف
1.انظر : الفقيه ، ج۲ ، ص۱۳۰ ، ح۱۹۳۴ .
2.انظر : اختيار معرفة الرجال ، ج۱ ، ص۳۹۷ .
3.راجع : خلاصة الأقوال ، ص۱۳۷ .
4.في المخطوطة : ـ «بل دلالة» .