إليهم النافون لحجّيّة أخبار الآحاد كالسيّدين و ابن إدريس من أنّهم كانوا لا يعوّلون على ما كان طريقه ظنّيّاً ولم يكن يوجب علماً ، وما هو الظاهر من طريقة أكثرهم من العمل بالظنون الخاصّة ، و ما يستفاد من بعضهم في أثناء المباحث الفقهيّة من البناء على مطلق الظنّ كما هو طريقة جمع من متأخّري المتأخّرين .
أمّا منافاته للأوّلَين فواضحة ، وأمّا عدم مناسبته للثالث فلأنّه لا وجه لعدّ تلك الفتاوى من الظنون الخاصّة إلاّ باعتبار كونها بمنزلة الأخبار المعتبرة وأمثالها .
ولا يخفى أنّ المدار في أمثالها عند هؤلاء على ملاحظة الجمع أو الترجيح ، فلو كانوا يعتقدون أنّ تلك الفتاوي في قوّة الأخبار المعتبرة لكان اللازم عليهم أن يلاحظوها قبل إعواز النصوص أيضاً ، ولكان المناسب بطريقتهم أن يجمعوا بينها وبين غيرها فيما يصحّ فيه ذلك بمقتضى القواعد المقرّرة في محالّها ، كالعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن والأمر والنهي ونظائرها ، أو يرجّحوا أحد الطرفين فيما لا يتأتّى فيه طريقة الجمع كما هو المعهود عنهم في سائر الأخبار والأدلّة الشرعيّة .
ومنه يظهر وجه منافاته للرابع أيضاً ؛ فإنّ بناء هؤلاء على ملاحظة وجوه الجمع أو الترجيح في أمثال المقام كما لا يخفى ، فعليك بالتأمّل التامّ فيما تلوته عليك ؛ ليظهر لك سقوط ما قد يتوهّم ، من أنّ تلك الفتاوي وإن كانت معتبرة لديهم إلاّ أنّهم كانوا يرونها أضعف من مجموع سائر النصوص المعتبرة ، باعتبار عدم صراحتها وعدم كونها في صورة النصّ .
ومنها كتاب الهداية لشيخنا الصدوق ۱ فإنّه نظير شرائع والده في كونه مأخوذاً من
1.الهداية بالخير في الاُصول والفروع ، للصّدوق أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، ۸۰۹ ه. . مرتّب على أبواب ، ابتدأ فيه بالاُصول ، وأوّل أبوابه : ما يجب اعتقاده في توحيد اللّه ، ثمّ النبوّة ، ثمّ الإمامة إلى آخر باب النيّة ، ثمّ شرع في الفروع من باب المياه ، ثمّ الوضوء ، والغسل و . . . حكي عنه أنّه جوّز فيه الوضوء والغسل بماء الورد ، أي الّذي جعل فيه الورد ليتصعّد منه الجلاب ، لا نفس المتصعّد ، ينقل عنه المجلسي في البحار ، وقال في أوّله : إنّ اشتهاره ليس كاشتهار سائر كتب الصدوق . رأيت منه نسخة ناقصة إلى أواخر الحجّ في خزانة الصدر ، ونسخة اُخرى إلى الميراث عند السيّد أبي القاسم الإصفهاني في النجف ، واُخرى عند الميرزا محمّد علي الاُردوبادي ، واُخرى عند هادي كاشف الغطاء ، ونسخة عنوانها «هداية المتعلّمين» في مكتبة مدرسة البروجردي ، وهي بخطّ تاج الدين حسين بن عوض شاه الكاشاني ، فرغ منها الثلاثاء ۱ رجب ۶۸۷ ، وهي آخر الميراث ، ونسخة في مكتبة راجه فيض آبادي . الذريعة ، ج۲۵ ، ص۱۷۴ ، (الرقم ۱۱۵) .