خلافه إجماعهم كما صرّح به غير واحد منهم ، منهم شيخنا الشهيد رحمه الله ۱ ، ولم نعرف قائلاً به عدا الشلمغاني ۲ على ما حكاه جماعة ، وهو قريب ممّا حكي عن أبي حنيفة من تحديده إيّاه بما لا يتحرّك أحدٌ جنبيه بتحرّك الآخر ۳ ، واحتمال وروده مورد التقيّة مدفوع بما مرّ غير مرّة ۴ .
ومنها ما وقع في باب لباس المصلّي منه ، من جواز الصلاة في جلد الميتة ، بتعليل أنّ دباغته طهارته ۵ ، ولا يخفى أنّ كلاًّ من الأمرين متروك غير معمول به بين أصحابنا ، بل أوّلهما مخالف لضرورة المذهب ، والثاني وإن كان موافقاً للمحكيّ عن الإسكافي رحمه الله ۶ إلاّ أنّه مسبوغ بالإجماع على خلافه وملحوق به كأكثر مذاهبه في الأحكام ، ولعلّ صدور أمثال ذلك منه إنّما نشأ باعتبار حسن ظنّه بكثير من قواعد العامّة ، بحيث قيل : إنّه كان يعمل في أوّل أمره بالقياس كما هو الشائع بين جملة من
1.الذكرى ، ص۸۷ ؛ روض الجنان ، ص۳۴ و۳۵ .
2.أبو جعفر محمّد بن عليّ الشلمغاني ، يعرف بابن أبي العزاقر ، كان مستقيم الطريقة ، ثمّ تغيّر وظهرت منه مقالات منكرة ، خرجت في حقّه توقيعات ، فأخذه السلطان وصلبه في بغداد ، يوم الثلاثاء ۲۹ ذي القعدة سنة ۳۲۲ ، وكان ذلك حسداً منه لأبي القاسم بن روح ، حيث فاز بالنيابة ولم يفز بها ، وله كتب ألّفها حال الاستقامة . انظر : جامع الرواة ، ج۲ ، ص۱۵۴ ؛ رجال الطوسي ، ص۵۱۲ ؛ رجال النجاشي ، ص۲۶۸ .
3.انظر : مستدرك الوسائل ، ج۱ ، ص۱۹۹ ، باب مقدار الكرّ بالأشبار .
4.لأنّه ما ذهب إليه الشلمغاني فقط ، فلا مستند ، ولأنّه مورد نقاش الشهيد في الذكرى بمخالفته للإجماع ، وابن أبي العزاقر الشلمغاني يعرف عند الأصحاب صاحب كتاب التكليف الّتي نقل فيه هذه الأحاديث ، وسياق ألفاظه تشهد أنّه كتاب مفت متردّد أحياناً في فتواه ، فلهذا لا يعتمد إلى منقولاته .
5.الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام ، ص۳۰۲ .
6.انظر : بحار الأنوار ، ج۸۰ ص۷۸ ، الفقه على المذاهب الأربعة ، ج۱ ، ص۲۶ . ۲۷ . قال النجاشي في رجاله : محمّد بن أحمد بن الجنيد أبو عليّ الكاتب الإسكافي وجه في أصحابنا ، ثقة ، جليل القدر ، صنّف فأكثر ، وأنا ذاكر لها بحسب الفهرست الّذي ذاكرت فيه ، وسمعت بعض شيوخنا يذكر أنّه كان عنده مال للصاحب عليه السلام وسيف أيضاً ، وأنّه وصّى به إلى جاريته فهلك ذلك . رجال النجاشي ، ص۳۸۵ ، (الرقم ۱۰۴۷) .