نعم في المقام كلام آخر لا بأس بأن نشير إليه ، وهو أنّ بعض متأخّري أصحابنا . كالمولى الورع المحقّق الأردبيلي . وجملة ممّن تأخّر عنه وجماعةٌ ممّن عاصرناهم وتشرّفنا بإدراك مجالستهم ، لم يمنعوا من جريان الماء في المسح قليلاً . ۱
وأيضاً شيخنا الشهيد رحمه الله جوّز في الذكرى تحقّق الغسل لدى الضرورة ، بل ظاهره جوازه مطلقاً في صورة صدق المسح أيضاً ۲ .
والتحقيق عندي في المقام أنّ بين الغسل والمسح عموماً من وجه لا التباين الكلّي كما ادّعاه شيخنا الشهيد الثاني وجماعة ۳ ؛ للأمارات الكاشفة عن حقائق المعاني ، من التبادر وعدم صحّه السلب وغيرهما ، فلا وجه لمنع صدق كلّ منهما في بعض الموارد ، كما إذا تحقَّق الإمرار المعتبر في المسح قطعا ، وقليلُ جريان .
والقول بمخالفة مثله أيضاً للإجماع . كما يظهر من الفاضل البهاء الأصبهاني رحمه اللهوبعض آخر ۴ . ليس في محلّه ، لكن لا يخفى أنّ بين ما جوّزناه وما وقع في الكتاب المذكور أبعد ممّا بين السماء إلى الأرض .
ومنها ، ما وقع فيه من تحديد مقدار الكرّ من الماء ، وهو قوله :
والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر وترمي به في وسطه ، فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر ، وإن لم يبلغ فهو كرّ ، ولا ينجّسه شيء ۵ .
وهذا الحكم مخالف لما ذهب إليه جمهور أصحابنا ، بل هو ممّا انعقد على
1.مجمع الفائدة والبرهان ، ج۱ ، ص۱۰۴ ؛ مختلف الشيعة ، ج۱ ، ص۲۹۶ و۲۹۷ ؛ رسائل الكركي ، ج۳ ، ص۱۹۹ .
2.ذكرى الشيعة ، ص۸۷ و۹۷ .
3.الذكرى ، ص۸۷ ؛ وانظر : مدارك الأحكام ، ج۱ ، ص۲۱۵ ؛ مشارق الشموس ، ص۱۱۷ ؛ ذخيرة المعاد ، ص۳۰ ، الحدائق الناضرة ، ج۲ ، ص۳۶۶ .
4.لاحظ : الحبل المتين ، ص۱۶ و۲۸۲ .
5.الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام ، ص۹۱ ؛ عنه مستدرك الوسائل ، ج۱ ، ص۱۹۹ ، (الرقم ۳۴۵) ، انظر : الهداية ، ص۱۴ ؛ الكافي ، ج۳ ، ص۲ ، ح۱ ؛ التهذيب ، ج۱ ص۳۹ ، ح۱۰۷ .