رسالة في تحقيق حال كتاب فقه الرضا (ع) - صفحه 483

لا يكون صادراً عنهم عليهم السلام ، بل قد يحصل القطع للمتتبّع الماهر بأنّ مثل ذلك ليس من إفاداتهم ، ولم يظهر عن معدن العلم والمعرفة .
وبيان ذلك ، أنّ من تتبّع عبائر شخص وتصفّح كلماته بحيث عرف أنّ ديدن هذا الشخص قصد استقرّ على أن يتكلّم على نهج خاصّ وطريقة خاصّة معهودة ، ثمّ وقف على كتاب ينسب إليه أو جاءه أحد بخبر منه وكان عبائر هذا الكتاب أو ذاك الخبر على نهج آخر واُسلوب مخالف لطريقته في سائر كلماته ، اتّضح له أنّ هذا لم يصدر عن هذا الشخص ، وردّه أشدّ الردّ ، وهذا أمر معروف بين كافّة العقلاء وقاطبة اُولي العرف والعادات ، ويعبّر عنه بالاستقراء ، ونظيره آتٍ في أصل المطالب والمعاني أيضاً .
وثانيهما ، أنّ هذا إنّما هو من شأن من أخذ العلوم من أفواه الرجال ، وكان أمره مقصوراً على السماع من المشايخ ورواية الأخبار الآحاد المقتضية للظّنّ غالباً ، لا من علّمه اللّه تعالى وأفاض عليه وفتح عليه أبواب العلم والحكمة وإقامة حجّة على الخلق أجمعين ، وأخذ علّمه من بحر العلم ولوح المشاهدة ، وكانت أحكامه سبحانه من قطعيّاته وبديهيّاته .
لا يقال : إنّ بعض الأخبار يَشهد بأنّهم عليهم السلام كانوا قد ينسبون الحكم إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أو إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، وما كانوا يكتفون بمحض الحكم والإفتاء في كثير من المقامات .
لأنّا نقول : إنّ أمثال ذلك إنّما صدرت عنهم عليهم السلام باعتبار مانع ، هو كون المخاطب بتلك الخطابات من المخالفين والعامّة الّذين كانوا يرون الحجّة في كلمات الرسول ومولانا أميرالمؤمنين عليهماالسلام وسائر خلفائهم ، كالسكوني وغياث بن إبراهيم ومالك بن أنس وأضرابهم .
ولا يخفى أنّ احتمال هذا المانع ممّا لا يأتي فيما نحن فيه ، وذلك لأنّ من تتبّع هذا الكتاب اتّضح له أنّه كتب على طريقة الإماميّة ، وأنّ كثيراً من أحكامه مخالف لضروريّات مذاهب المخالفين ، وهي ممّا صدر على خلاف التقيّة والخوف عنهم ،

صفحه از 514