كاشف النكات في شرح الكلمات - صفحه 331

السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ » 1 و ليس للفقير شيء ؛ و منهم من لايفرق بينهما ، و في الحديث المرويّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «الفقر فخري» ، و في آخر : «الفقر سواد الوجه في الدارين» 2 .
و قد جمعها الشيخ المرحوم بهاء الملّة و الدين ، بأنّ الأوّل مؤوّل بالفقر إلى اللّه ، و الثاني بالفقر إلى الناس .
أقول : و يمكن الجمع بوجه آخر ، بأن يحمل الأوّل على الفقر مع الصبر ، و الثاني عليه لا معه .
و الأحاديث المرويّة في مدح الفقر و الفقراء كثيرة ، منها قوله عليه السلام : إذا رأيت الفقر مقبلاً قل : مرحبا بشعار الصالحين ، و إذا رأيت الغنى مقبلاً قل : ذنب عجلّت عقوبته 3 .
و منها : قوله عليه السلام : يدخل الجنّة الفقراء قبل الأغنياء بسبعين خريفا ؛ 4 و غير ذلك .
و «الحُمق» غريزة في الشخص تبعثه على فعل ما لا نفع فيه ، بل على ما فيه المضرّة و يعتقد أنّه المنفعة ، فيصدق عليه قوله تعالى : «هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَـلاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا » 5 .
إذا عرفت هذا ، فاعرف أنّ في هذا الكلام مبالغة باعتبار إضافة الأفقر إلى الفقر ، فيصير المعنى : أنّ أحوج شيء من الفقر إلى التدارك الحمقُ ، و وجهه ظاهر ؛ لأنّ الفقير إذا كان عاقلاً يمكنه كسب الكمال أو سدّ خلّة الفقر بوجه لايشمت به الأعداء ، و أمّا الأحمق فهو و إن كان غنيّا لاينفعه ؛ لأنّه سيفنيه أو يعيش مع بقائه ـ باعتبار حماقته ـ كالفقير .
و يوجّه بوجهٍ آخر هو أن يقال : أفقرُ من الفقيرِ الأحمقُ ، و لايخفى التفاوت في

1.الكهف ، الآية ۷۹ .

2.بحارالأنوار ، ج۷۲ ، ص۳۰ ، ح۲۶ .

3.بحارالأنوار ، ج۱۳ ، ص۳۳۶ ، ح۱۳ .

4.بحارالأنوار ، ج۷۲ ، ص۴۵ ، ح ۵۵ .

5.الكهف ، الآية ۱۰۴ .

صفحه از 356
کلیدواژه