تفسير قوله تعالى جلّ جلاله : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ »۱ الآية .
و «حلّت» من الحلول ، أي : بلوغ الاُمور إلى آجالها و مواقيتها الموقّتة لها ؛ و «التقادير» جمع التقدير بمعنى ما قدّره اللّه تعالى من الاُمور الحتميّة ، كالآجال المسمّاة و نزول المصائب و البلايا الغير المردودة هاهنا .
و «ضلّت» بمعنى فقدت ؛ و «التدابير» كالتقادير جمع التدبير ، و هو التمحُّل للخلاص من المخاوف و البليّات أو لدفعها .
و المعنى : أنّه إذا حان حين ما قدّره اللّه تعالى على عبدٍ من عباده ، فلاتجدي في دفعها حِيَل المحيلين و تدبير المدبّرين ، بل يسلب عنهم الشعور والهين ، بحيث يفقدون تدابيرهم و تزاويرهم ، مثلاً إذا تعلّقت قدرته الكاملة و مشيئته القاهرة بموت أحد ، و اجتمع عليه حذّاق الأطبّاء ، و هيّؤوا له دواء ـ و كان أنفع الأدوية باعتقادهم ـ و شربه ذلك المقدَّر عليه الموتُ، يصير ذلك الدواء داءً شديدا له، و يميته بحيث يقول العوامّ : الأطبّاء قتلوا فلانا ، و له أمثلة كثيرة أوردنا منها اُنموذجا لايخفى على مجرّب الاُمور.
و ممّا يدلّ على المراد كلام الإمام الهمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، حين راح عليه السلام إلى عيادة معاوية ، فلمّا رآه قام من فراشه متجلّدا كمن لم يكن مريضا ، و تصحّح ؛ ظنّا منه أنّه عليه السلام راح إلى شماتته ، و أنشد من قصيدة هو أنشأها ، و ما سمع هو عليه السلام إيّاها :
بِتَجَلُّدِي للشامِتِينَ اُرِيهِمُأَنّي لِغَيظِ الدَّهرِ لا أَتَضَعْضَعُ
فقرأ عليه السلام من تلك القصيدة بلا فاصلة :
و إِذ المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظفارَهاأَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لاتَنْفَعُ
نقله الأردبيلي ـ زيد أجر زهده و تقواه ـ في جملة معجزاته عليه السلام ۲ .
و في بعض النسخ بدل «ضلّت» : «بطلت» ، و لا فرق في المراد .
1.المائدة ، الآية ۶ .
2.زبدة البيان في أحكام القرآن ، كنگره بزرگداشت مقدس اردبيلى ، ج۱ ، ص۵۱۳ .